شراكة من أجل مستقبل البشرية

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا تنشغل دولة الإمارات فقط بالعمل على تعزيز نموذجها الرائد عالمياً في التنمية المستدامة، بل تحرص أيضاً على أن تكون عنصراً فاعلاً في العمل الدولي من أجل مواجهة التحديات التي تواجه البشرية كلها، ومن بينها ظاهرة التغيرات المناخية التي بدأ العالم يعاني من تبعاتها وتداعياتها الخطيرة على جميع المستويات البيئية والاقتصادية وحتى الأمنية والعسكرية. ومن هنا جاء توقيع دولة الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية خلال الأسبوع الماضي شراكتهما الاستراتيجية لاستثمار 100 مليار دولار في تنفيذ مشروعات للطاقة النظيفة تبلغ طاقتها الإنتاجية 100 جيجاوات في كل من دولة الإمارات والولايات المتحدة ومختلف أنحاء العالم بحلول عام 2035 ، وذلك بهدف تعزيز أمن الطاقة ونشر تطبيقات التكنولوجيا النظيفة ودعم العمل المناخي.

وتهدف هذه الشراكة، التي تم توقيعها على هامش معرض ومؤتمر أبوظبي الدولي للبترول (أديبك 2022)، وبحضور صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، إلى توسيع الاستثمار في المبادرات العملية والتقنيات الواعدة من خلال التركيز على أربع ركائز أساسية هي: الابتكار في مجال الطاقة النظيفة والتمويل ونشر الحلول والتقنيات وتعزيز سلاسل الإمداد، إدارة انبعاثات الكربون والميثان، تقنيات الطاقة النووية المتقدمة مثل المفاعلات النمطية الصغيرة، وخفض انبعاثات القطاعات الصناعية وقطاع النقل. كما تهدف الشراكة إلى خلق فرص لإطلاق استثمارات مشتركة ومجدية اقتصادياً في الدول الناشئة والنامية من خلال التركيز على دفع مسيرة العمل المناخي العالمي.

ومن خلال هذه الركائز يمكن أن نتبين بسهولة أن هذه الشراكة ليست فقط لخدمة دولة الإمارات والولايات المتحدة فقط، وإنما أيضاً لخدمة ودعم الدول النامية، حيث سيعمل الجانبان على دعم مشروعات الطاقة المستدامة ذات الجدوى الاقتصادية والبيئية في هذه الدول، وذلك من خلال توفير الخبرة الفنية والمساعدة في إدارة المشروعات وتوفير التمويل. كما أن توقيت إطلاق هذه الشراكة، كان قبل أيام من انعقاد الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «COP27» الذي تستضيفه مصر، ينطوي على دلالة مهمة فيما يتعلق بدعم جهود المجتمع الدولي في مواجهة التغير المناخي، والتمهيد للدورة الثامنة والعشرين للمؤتمر «COP28» الذي تستضيفه دولة الإمارات العام القادم 2023، والذي يتوقع أن يكون حاسماً في تاريخ الجهود الدولية لمواجهة التغير المناخي.

ويأتي إطلاق هذه الشراكة الاستراتيجية المهمة استكمالاً وتتويجاً للجهود التي تبذلها الدولة في مجال مواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري، سواء من خلال جهودها الرائدة في مجال دعم وتشجيع استخدام الطاقة النظيفة عالمياً، حيث استثمرت الدولة في مشاريع للطاقة المتجددة في 70 دولة بقيمة إجمالية تقارب 16.8 مليار دولار، كما أطلقت استراتيجيتها الوطنية للطاقة حتى عام 2050، والتي تستهدف رفع مساهمة الطاقة النظيفة في إجمالي مزيج الطاقة المنتجة في الدولة إلى 50 %. أو من خلال سعيها الدائم لدعم الجهود العالمية لتحقيق أهداف تخفيض الانبعاثات المضرة بالبيئة، والذي توج أخيراً بإعلان المبادرة الاستراتيجية لتحقيق الحياد المناخي بحلول 2050 والتي تشكل محركاً وطنياً يهدف إلى خفض الانبعاثات والحياد المناخي بحلول 2050، لتكون الإمارات أول دولة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تعلن عن هدفها لتحقيق الحياد المناخي.

لقد أثبتت الإمارات على الدوام أنها دولة مسؤولة وشريك أساسي في كافة الجهود المبذولة لمواجهة التحديات الكونية، وما هذه الشراكة الاستراتيجية الجديدة إلا تأكيد لذلك.

 

Email