شهدت أرض الكنانة قبل أيام مهرجاناً احتفالياً كبيراً احتفاءً بمرور 50 عاماً من العلاقات المصرية - الإماراتية الاستثنائية الفريدة التي تجسد عمق العلاقات بين الحكومتين والشعبين الشقيقين على قلب واحد ينبض بالمودة والعطاء المتبادل.
واستندت العلاقات بين البلدين الشقيقين طوال نصف قرن من الزمان على أسس الشراكة الاستراتيجية، حيث تعود جذور تلك العلاقات إلى ما قبل العام 1971 حينما دعمت مصر تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة تحت قيادة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه.
وكان لمصر مكانة خاصة في قلب المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان حيث قال، «إن نهضة مصر نهضة للعرب جميعاً وأوصيت أبنائي بأن يكونوا بجانب مصر فهذا هو الطريق لتحقيق العزة للعرب كلهم، إن مصر بالنسبة للعرب هي القلب وإذا توقف القلب فلن تُكتب للعرب حياة».
وبصمات المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، في كل أرجاء المحروسة، فهناك مدينة الشيخ زايد في السادس من أكتوبر، وأيضاً 3 مستشفيات باسم الشيخ زايد في المنطقة ذاتها ومنشأة ناصر بقلب القاهرة وغيرها العديد من المشاريع والمبادرات.
وتعتبر دولة الإمارات العربية المتحدة من أوائل الدول التي ساندت مصر في تاريخها المعاصر حينما وقف المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، إلى جانب مصر في حرب أكتوبر 1973 وقال، «إن النفط العربي ليس أغلى من الدم العربي».
وعلى خطى القائد المؤسس نفسها سارت قيادتنا الرشيدة حينما أكد على ذلك صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، بأن الإمارات دائماً مع مصر في الموقف ذاته، وقال: «مصر دولة عربية رئيسة وركيزة أساسية من ركائز الأمن العربي وأمن مصر من أمن الإمارات وتقدمها وتطورها واستقرارها يمثل مصلحة للإمارات وكل العرب».
كما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، «شعب مصر شعب وفي وقيادتها قيادة أصيلة طوال خمسين عاماً كانوا معنا منذ بداية تأسيس دولتنا.. كانت وستبقى مصر هي السند والذخر والظهر والأخ الذي لا نستغني عنه».
علاقتنا بمصر مثمرة في كل المجالات وهي نموذج ملهم للعلاقات العربية، فمصر هي الحضارة والتاريخ ومهد الفن والموسيقى وقلب العروبة النابض ومن منا لم تكن له علاقة أو صلة بمصر من قريب أو بعيد ذات يوم؟
وعلى المستوى الثقافي نشأنا وترعرعنا على قراءة كتب كبار الأدباء المصريين كـ«نجيب محفوظ وإحسان عبد القدوس ويوسف السباعي»، وفي مجال التعليم كان للمدرسين المصريين فضل كبير في تعليمنا سواء في المراحل الدراسية الأولى بالمدرسة أم الجامعة، وما زالت الثقافة المصرية حاضرة في حياتنا اليومية، وستبقى مصدر إلهام لنا ولكل العرب.
ولا ننسى الدور الكبير لمصر على المستوى القانوني، ففي مجال المحاماة كانت كتب الفقيه القانوني الكبير الدكتور عبد الرزاق السنهوري مرجعاً ثرياً ومهماً لنا كقانونيين في القانون المدني.
وعلى الصعيد السياسي والدولي تتعاون الإمارات ومصر بقوة ومنهجية متكاملة في محاربة الإرهاب، فلدى البلدان رؤية متشابهة في محاربة الإرهاب بدءاً من محاربة الأفكار الخاطئة مروراً بتجفيف منابع تمويل المنظمات الإرهابية من أجل دحر الإرهاب والقضاء على الإرهابيين، فمصر والإمارات حائط الصد وصمام الأمان لحماية الأمن القومي العربي.
وتعتبر الإمارات من أكبر الشركاء التجاريين لمصر، فقد شهدت شراكة البلدين في المجالات الاقتصادية نمواً مستمراً في التنسيق الحكومي وتبادل الخبرات وتعزيز الشراكات، كما حرصت دولة الإمارات العربية المتحدة دائماً على مواصلة العمل مع الحكومة المصرية لزيادة التبادل التجاري وتشجيع تدفق الاستثمارات في كل القطاعات وتحديد مسارات جديدة لتنمية الشراكات التجارية والاستثمارية كتسهيل المعاملات الجمركية لتنمية حجم التجارة البينية ومضاعفة حركة الاستيراد والتصدير في القطاعات الحيوية خصوصاً في مجال تكنولوجيا المعلومات.
وقلت في مصر ذات يوم:
على ضفاف النيل تسكن أشواقي وأحلامي
وفي أعماقه حكاية عاشق من هذا الزمان