قال الرئيس الأمريكي الأسبق دوايت أيزنهاور إن أي رئيس أمريكي يتخطى السبعين يجب أن يغادر البيت الأبيض.
في العشرين من نوفمبر المقبل يبلغ بايدن الثمانين من العمر. وينوي الترشح لفترة رئاسة ثانية، أي أن يقود أمريكا حتى يبلغ الرابعة والثمانين. لكن لا مظاهر في البيت الأبيض توحي بأن ثمة برنامجاً لإقامة حفل كبير بمناسبة عيد ميلاده، كما هي عادة الرؤساء الأمريكيين.
عندما تسلم الرئاسة كان عمر بايدن ثمان وسبعين سنة. وخلال السنتين كان أداؤه ضعيفاً، بل ربما أضعف أداء لرئيس أمريكي. تمثل هذا الضعف في شخص الرئيس من حيث عدم التركيز، خاصة ذاك المشهد الذي كرره بايدن بعد الانتهاء من إلقاء خطاباته حين يلتفت يميناً ويساراً ويمد يده للسلام على.. لا أحد.
كذلك استدعاؤه الأموات! حيث وجه الشكر في أحد خطاباته إلى عدد من الأشخاص ومنهم النائبة عن ولاية انديانا جاكي والروسكي التي كانت متوفية في حادث سير قائلاً «.. وجاكي، أين جاكي؟ أليست هنا معنا؟». يذكر أن بايدن كان نعاها بنفسه عندما توفيت.
يدخل الحزب الديمقراطي الذي يمثله بايدن انتخابات التجديد النصفي للكونغرس، المتبقي عليه بضعة أيام، برئيس أقل ما يقال عنه أنه ضعيف إن لم نقل «مهزوز». ومن عادة المترشحين أن يلتقطوا صوراً مع «الرئيس» لكسب الشعبية لكن حتى أولئك يبتعدون عن بايدن. وجاءت مطالبة ثلاثين نائباً ديمقراطياً بايدن بالتفاوض مع روسيا ودعم وقف للنار في أوكرانيا، حسب ما أوردت «واشنطن بوست»، لتزيد طينة بايدن بلة.
لقد سار بايدن وقاد معه الولايات المتحدة من فشل إلى فشل، واتبع سياسات خاطئة، من أفغانستان إلى العراق إلى الملف النووي الإيراني إلى أوكرانيا، وأخيراً وطبعاً ليس آخراً، وأخطرها موضوع الطاقة الذي خرق جيوب الأمريكيين وجعل الأوروبيين يرتجفون برداً تخوفاً من صقيع شتوي، وربما ربيع سياسي يطيح بحكومات.
الضربة القاضية التي تلقاها بايدن جاءت من خلال «أوبك بلس» التي خفضت الإنتاج مليوني برميل بالرغم من مناشدة وأحياناً ضغوط بايدن شخصياً لعدم التخفيض أو حتى تأجيله إلى ما بعد انتخابات التجديد النصفي للكونغرس. وجاءت هذه الخطوة الحاسمة لتؤسس لعلاقة جديدة بين أمريكا وحلفائها. «مصالحنا بنفس أهمية من علاقاتنا»، تلك هي الرسالة.
ليس الحلفاء العرب فقط، بل الأوروبيون أيضاً وهم الأقرب لواشنطن وشركائها في حلف الناتو. ولم تكن العلاقات بين الطرفين يوماً سمناً على عسل، بل يوماً عسل ويوماً بصل، كما يقال. ولم تخل العلاقات الأوروبية الأمريكية من مراحل توتر ودعوات إلى مراجعة هذه العلاقات التي يبدو فيها تغول أمريكا على ما يحلو للأمريكيين تسميتها «القارة العجوز».
ففي مايو الماضي قالت وسائل إعلام دانماركية وأوروبية إن الولايات المتحدة تجسست على سياسيين أوروبيين بارزين، بينهم المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، بين عامي 2012 و2014 بواسطة برنامج تعاون مع المخابرات الدانماركية. وطالب كل من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية آنذاك أنغيلا ميركل الولايات المتحدة والدانمارك بتقديم توضيحات.
وقال الرئيس الفرنسي إثر اجتماع وزاري فرنسي ألماني «إذا كانت المعلومة صحيحة (...) فهذا غير مقبول بين حلفاء، وغير مقبول أيضاً بين حلفاء وشركاء أوروبيين».
وقالت ميركل «لا يمكنني إلا أن أؤيد تصريحات إيمانويل ماكرون. لقد شعرت بالاطمئنان لكون الحكومة الدانماركية، وبين أعضائها وزيرة الدفاع، قد أعلنت أيضاً بوضوح شديد ما موقفها من هذه الأمور. إنه أساس جيد ليس لتوضيح الوقائع فحسب، بل أيضا لإرساء علاقات من الثقة».
أيضاً فإن مطالبات الإدارة الأمريكية المستمرة للدول الأوروبية بضرورة رفع قيمة مساهماتها المالية في حلف شمال الأطلسي «الناتو» صعدت من التوترات في الأجواء الأوروبية – الأمريكية.
فتلميح الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في أكثر من مناسبة بالانسحاب من حلف «الناتو» في ظل عدم التزام بعض الدول بمساهماتها المالية أو انخفاضها مقارنة بالولايات المتحدة الأمريكية، يعني أن العاصفة السياسية يمكن أن تحدث في أي لحظة.
لا سيما أن قصور كثير من الحلفاء الأوروبيين عن الاقتراب حتى من هدف الناتو، المتمثل في إنفاق %2 من ناتجهم القومي على الدفاع بحلول عام 2024، يثير غضب دونالد ترامب الذي اتهمهم بالاستفادة على حساب بلاده.
يبدو أن علاقة أمريكا بشركائها وحلفائها على مفترق طرق، أما بايدن فإنه.. في نهاية الطريق!
* كاتب أردني