يطل مجدداً شبح الفراغ في قصر بعبدا، ليهدد الساحة الداخلية في لبنان مع قرب انتهاء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد نهاية الشهر، بالتزامن مع الخلافات والانقسامات الحادة، التي تعرقل تشكيل حكومة جديدة خلفاً لحكومة تصريف الأعمال الحالية، برئاسة نجيب ميقاتي، فهناك مخاوف من تكريس حالة الاعتياد على الأزمة أو القبول بالفراغ الرئاسي، في ظل غياب أي حوار فعلي بين الأطراف، ولا تزال محاولات الوصول إلى مرشح توافقي متعثرة، بسبب تمسك كل طرف بشروطه ومعاييره، التي وضعها لاختيار الرئيس المقبل، بما يعكس الخطورة التصاعدية للتمادي في الفراغ والتلاعب بمستقبل البلاد، فيما يشير البعض إلى أن الاستعصاء على الالتزام بالدستور لجهة انتخاب رئيس جديد يعني بأن هناك من يخطط لتأزيم الوضع بالاستهتار بإرث الديمقراطية، فيما يعيش لبنان سباقاً بين الانهيار الاقتصادي والانفجار الاجتماعي في الشارع.
وضع لبنان لا يسر، فكثرة الانزلاقات قد تخطت الخيال، صحيح أن الفراغ السياسي عاشه لبنان مرات عديدة سواء في رئاسة الجمهورية أو في رئاسة الحكومة، والشغور الرئاسي الأطول كان ما بين مايو 2014 وأكتوبر 2016 إلا أن لبنان الآن لا يمتلك فائضاً كافياً من الوقت لاستهلاكه وإضاعته وصرفه على المماحكات والمناورات، وتصفية الحسابات الشخصية الضيقة، فالوضع السياسي والاجتماعي والاقتصادي لا يتحمل حالة الاعتياد على الأزمة أو القبول بالفراغ الرئاسي.
وبدأ يعلو صوت النقاش إلى قراءة الدستور من زاوية الاجتهادات لتبرير حق الحكومة المستقيلة في تولي صلاحيات رئاسة الجمهورية، لكن لا شك في أن الدستور اللبناني واضح حيث لا مكان للاجتهاد في معرض النص، فمن الضروري انتخاب رئيس جديد، باعتبار ذلك مفتاح الانطلاق إلى مرحلة النهوض والإصلاحات والتعافي الاقتصادي.