الملكة وصاحب السيجار والنصر

ت + ت - الحجم الطبيعي

بدايات هذا الخريف بدأت أوراق الشجر بالإصفرار ثم السقوط، لكن أهم الأوراق تلك التي سقطت من شجرة العائلة المالكة البريطانية التي يعود تاريخها إلى العصور الوسطى.

لقد توفيت «صاحبة الجلالة» إليزابيث الثانية، الاسم الرسمي و«ليلي بت» كما كانت تحب أن ينادوها لصعوبة نطق اسمها، وهو الاسم الذي التصق بها في مراحل الطفولة والمراهقة والشباب، إلى أن تخلت عنه عندما اعتلت العرش العام 1952.

بوفاتها أسدل الستار على سبعين عاماً من حكمها لبريطانيا، وهي سادس امرأة تجلس على عرش التاج البريطاني وأطول ملوكها حكماً في تاريخ البلاد.

عاصرت 15 رئيس وزراء للحكومة أولهم وأبرزهم ونستون تشرشل وآخرهم الحالية ليز تراس وعشرات من حكام دول العالم.

اعتمدت الملكة على رؤساء حكومات تركوا بصمات على العالم لكن أهمهم اللورد ونستون تشرشل، وله معها قصة.

كانت إليزابيث تبلغ من العمر 25 عاماً فقط عندما توفي والدها الملك جورج السادس وأصبحت ملكة في 6 فبراير 1952، كان أول رد فعل لرئيس الوزراء ونستون تشرشل، على وفاة الملك، هو الشكوى من أن الملكة الجديدة كانت «مجرد طفلة»، ولكن تم كسبه في غضون أيام وأصبح في النهاية معجباً ومتحمساً لها.

وعندما أصيب تشرشل بجلطة دماغية واستقال في نهاية المطاف في عام 1955، كتبت له الملكة رسالة تقول: «لن يتمكن أحد من شغل منصب رئيس وزرائي الأول، الذي ندين له أنا وزوجي بالكثير، والذي من أجل توجيهه الحكيم خلال السنوات الأولى من حكمي، أنا سأكون دائماً ممتنة للغاية».

ما هو السر في شخصية ونستوت تشرشل؟

تقول دائرة المعارف البريطانية إنه كان رجل دولة عظيماً وخطيباً مفوهاً ومؤلفاً وخدم كرئيس للوزراء مرتين، الأولى خلال الحرب العالمية الثانية بين عامي 1940 و1945، والثانية بين عامي 1951 و1955، وقد حشد الشعب البريطاني خلال الحرب العالمية الثانية وقاد بلاده من حافة الهزيمة إلى النصر على النازية.

بعد مرور عشرات السنين على وفاته، ما زال الكثيرون يعتبرون تشرشل أعظم بريطاني. لكن طريقه لم يكن سهلاً دائماً، فمن المشاكل في المدرسة إلى الأخطاء في المنصب، غالباً ما كان طريقه نحو العظمة صعباً.

عاش تشرشل طفولة حزينة ومُهملة، ولم يكن يجد الاهتمام إلا من ممرضته المخلصة السيدة إيفرست. وقد عانى مشكلات في الدراسة جعلت والده يعتقد أن ابنه غير مناسب أكاديمياً للسياسة أو القانون، فألحقه بالجيش.

كان الشاب ونستون قد فشل ثلاث مرات في الالتحاق بكلية ساندهيرست العسكرية إلى أن نجح في المحاولة الرابعة في سبتمبر من عام 1893، حيث أخذ دراسته العسكرية بجدية أكسبته احترام والده، ولكن قبل أن تزدهر العلاقة بينهما توفي والده اللورد راندولف عن عمر يناهز 45 عاماً، وكان لهذا تأثير عميق على تشرشل، فقد أقنعه ذلك بالحاجة إلى ترك بصمته في وقت مبكر من حياته.

تم تكليف تشرشل ضابطاً في سلاح الفرسان في فرقة الفرسان الرابعة في فبراير من عام 1895، كما عمل كمراسل حربي، حيث قضى عيد ميلاده الحادي والعشرين في كوبا التي اكتسب منها عادات ظلت ملازمة له مدى الحياة مثل القيلولة وسيجار هافانا.

كان تشرشل عدة شخصيات في شخصية واحدة فهو العسكري والسياسي والجاد وصاحب النكتة والمواقف المضحكة، وهو رئيس الوزراء الوحيد الذي حصل على جائزة نوبل في الأدب.

من روح الدعابة التي تحلى بها أنه كان ذاهباً لإلقاء خطبة مهمة في الميدان الكبير، فأرسل سائقه الخاص والحرس وكل رجاله ليسبقوه إلى الميدان فيختلي هو بنفسه حتى يتمكن من كتابة خطبته - فقد كان مشهوراً ببلاغته - وعندما أكملها نزل ليوقف تاكسي، وبعد جهد توقف أحدهم فقال له: من فضلك أريدك أن توصلني إلى الميدان الكبير فقال السائق ببرود: لا... لن أعمل الآن، فسأله لماذا؟

فقال السائق وهو يلعب بمفاتيح الراديو: لأن تشرشل سوف يخطب الآن وأنا لا أترك له كلمة فسعد تشرشل بذلك جداً، فقال له مغرياً: سأعطيك 50 جنيهاً فقال السائق: اه...50 جنيهاً اركب.. اركب.. وليذهب تشرشل إلى الجحيم.

 

Email