الإدارة الحكومية سلطة لخدمة الناس وليست سلطة عليهم

ت + ت - الحجم الطبيعي

تعد الإدارة الحكومية بما تشتمل عليه من مؤسسات، المحرك الأساس لتطور المجتمعات ونهضتها، وذلك لما تقوم به من مهمات متعددة تؤثر على الناس في شتى مجالات الحياة. ومن هذا المنطلق، ينبغي على تلك المؤسسات أن تعتمد في أداء نشاطاتها على طيف واسع من السياسات والقوانين والنظم، التي ترتكز إليها في حوكمة ما تتضمنه من وظائف وعمليات وإجراءات، تستهدف بمجموعها إنجاز الغايات المحققة لمصلحة أفراد المجتمع. 

الالتزام بالسياسات والقوانين والنظم من قبل المؤسسات الحكومية لا ينبغي النظر إليه بوصفه غاية لها، بل يجب التعامل معه باعتباره أداة لتحقيق الأهداف الأساسية التي وجدت الحكومة من أجل بلوغها، ألا وهي إسعاد الناس، وتيسير أمور حياتهم. في هذا الشأن يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في كتاب:

«تأملات في السعادة والإيجابية»، من خلال المحور المعنون: «الحكومة الإيجابية: سعادة للمجتمعات»: «لا ترى الحكومة الإيجابية في صياغة التشريعات واقتراح القوانين هدفاً بحد ذاته، بل وسيلة لإسعاد الناس وتحقيق مصالحهم، لذا إذا تعارض القانون مع مصلحة الناس فإنها تغيره. وعند صياغة أو اقتراح أي سياسة أو قانون، لا تنظر الحكومة الإيجابية في نصوص القانون فقط، الحكومة تنظر قبل ذلك في حياة الناس، وحياة المتأثرين بهذا القانون، هل سيسهل حياتهم؟ هل سيساعدهم على تحقيق سعادتهم؟ هل سيحل مشاكلهم؟ بعض المسؤولين عندما يبدأون في صياغة القوانين ينظرون لأفضل الممارسات، نحن نقول لهم: انظروا لما يسهل الحياة، وهناك فرق». 

من جانب آخر، وفي ما يتعلق بتفصيل الأدوار التي يجب أن تقوم بها المؤسسات الحكومية، يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، في كتاب: «ومضات من فكر: أفكار وآراء من وحي الجلسة الحوارية في القمة الحكومية 2013» من خلال المحور المعنون: «تحقيق السعادة.. هو عملنا»: «عندما تطور الحكومات نفسها وخدماتها لتسهل حياة الناس، فإنها تحقق لهم الراحة والسعادة.

عندما تقدم الحكومات الفرص لأبناء الوطن، فإنها تحقق لهم السعادة. عندما تقدم الحكومات أفضل أنظمة التعليم لأبناء الوطن، فإنها تزودهم بأهم أسلحة بناء مستقبلهم ليكونوا سعداء. عندما تقدم الحكومات رعاية صحية متميزة، فلا شيء أكثر إسعاداً للمريض من الشفاء والراحة. عندما تطور الحكومات البنى التحتية، فإنها تختصر المسافات، وتقرب البعيد، وتقلل الأوقات الضائعة من أعمار الناس، ولا شك أن ذلك سيسهم في سعادتهم وراحتهم. عندما يتحقق العدل، ويجد المظلوم حقه بسهولة ويسر، فإن هذا يحقق السعادة والاطمئنان للمجتمع بأسره». 

المؤسسات الحكومية تدار من قبل قيادات وموظفين يعملون مع بعض، لتحسين حياة الناس في المجتمع الكبير الذي تخدمه تلك المؤسسات. بناءً على ذلك، لا بد من وجود تفاعل إيجابي بين هذه المؤسسات من جهة، وأفراد الجمهور المستفيد من جهة أخرى. هذا التفاعل في حال تحققه، يمكن أن يسهم بشكل مباشر في إسعاد المستهدفين من الخدمات الحكومية. هذه المسألة يتحدث عنها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، في كتاب «تأملات في السعادة والإيجابية»، إذ يقول سموه:

«إن قوة الإدارة الحكومية لا تعتمد فقط على قوة الإجراءات والأنظمة، ونجاح أي دولة لا يعتمد فقط على القوانين والتشريعات والخطط مهما كانت قوية، بل هناك أيضاً جانب مهم جداً، وهو الجانب القيمي والنفسي والأخلاقي والمعنوي عند تعامل الحكومات مع شعوبها». ويضيف سموه قائلاً: «الحكومة يعمل فيها بشر، وتعمل من أجل تطوير حياة البشر، وهدفها الأساسي سعادة هؤلاء البشر، وبالتالي لا بد أن تراعي الكثير من الأمور التي تكون خارج الأدلة الإجرائية واللوائح التنفيذية». 

تأسيساً على ما سبق، يمكننا القول إن مؤسسات الإدارة الحكومية ينبغي أن تستهدف رسم الابتسامة على وجوه الناس، وتستوعب مطالبهم، وتجتهد في تلبية احتياجاتهم، هذا ما يؤكده صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، في كتاب: «ومضات من فكر: أفكار وآراء من وحي الجلسة الحوارية في القمة الحكومية 2013»، إذ يقول سموه: «رؤيتنا للحكومة أنها ليست كياناً منفصلاً عن الناس، بل هي جزء منهم، وتعمل من أجلهم، وبهم تحقق أهدافها، ومن خلالهم تقيس نجاحها. الحكومة سلطة لخدمة الناس وليست سلطة عليهم، وهي قوة لهم وليست عليهم، ووظيفتها إسعادهم وبناء مستقبل واعد لأبنائهم».

Email