فجوة الإدارة

ت + ت - الحجم الطبيعي

‏من أسوأ ما يحدث في بيئة العمل فكرة الفجوة الإدارية. فهذه الفجوة تقع عندما يحدث هناك خلل يجد العاملون أنفسهم بسببه في فراغ إداري إذا تعطلت بعض مشاريعهم التي شارك فيها المسؤول بدعمه، وتأييده ومؤازرته.

ومن ناحية أخرى يشعر البعض بالإحباط عند غياب الصف الثاني المؤهل، ذلك أن سبب المشكلة غياب وجود خطة تعاقب تحدد من يعقب من فور غيابه. فالعمل المؤسسي السليم ليس فيه مفاجآت فهناك دائماً «مدير ظل» إن جاز التعبير يحل مكان المدير الآخر. ‏فوجود خطة إحلال تبث الأمل في نفوس الصف الثاني الذين يتطلعون لتبوؤ مناصب إدارية أو قيادية رفيعة. وهذا بطبيعة الحال يدفع العاملين نحو مزيد من التأهيل الإداري وحضور ورش العمل الفنية والإدارية حتى إذا ما شغر المنصب كانوا على أهبة الاستعداد لتبوؤ ذلك المنصب.

من هنا، جاءت فكرة «خطة التعاقب الوظيفي» succession planning، وهي خطة نعتمدها في مجالس الإدارات، لتضمن تهيئة الصف الثاني. وعن تجربة، رأينا أن بعض الرؤساء التنفيذيين أو المديرين العامين، لا يحبذون أحياناً اعتماد الخطة، لأنهم يريدون مرونة في اختيار من يرونه مناسباً. غير أن ذلك الأمر غير صحي، ولا يعكس روح التخطيط المؤسسي، لأنه بغياب هذا الرئيس نفسه (المفاجئ)، تتفاقم المشكلة مع مدير عام جديد، يتخبط، ويمضي سنوات قبل أن يعرف من يستحق أن يخلف من.

‏غير أن المشكلة تكمن في بعض القياديين ممن يتعمد عدم تأهيل الصف الثاني لإبقاء الفجوة في الإدارة لسبب بسيط وهو أن يحيك المؤامرات والخطط لتعيين المقربين منه، ليس بسبب الكفاءة ولكن بسبب قربهم منه متخذ القرار حتى يُسَير أمور العمل حسبما يتوافق مع أهوائه.

وجود فكرة فجوة في الإدارة ربما تكون بسبب غير مقصود أو سوء تخطيط الأمر الذي يتطلب إعادة النظر في إجراءات العمل والحوكمة الرشيدة. فقد يكون هناك أكثر من فجوة تكشفها الحوكمة.

كما أن غياب الفجوات يعني أن الجميع يعلم جيداً من سيتبوأ منصب من. ولذلك يحرص قسم الموارد البشرية مع الإدارة العليا على إصدار تكليف مؤقت يسند بموجبه مهام الإدارة إلى من تعتزم الإدارة تأهيله. يكون ذلك عادة في إجازات الصيف الطويلة أو القصيرة. لكن البعض مع الأسف الشديد يعتبر ذلك نقيصة ويرفضه بحجة رغبته في تثبيت دائم. وينسى أن المناصب الإدارية مسألة حساسة وتقتضي التدرج. والتدرج في الواقع يفيد الفرد نفسه فقد يُصدَم بأنه لا يصلح لهذه المهمة الجديدة، أو ربما يجد هناك إزعاجاً كبيراً في التعامل مع الإدارة العليا، أو أنه غير مؤهل حتى الآن لحمل هذه المسؤوليات على عاتقه.

من الطبيعي أن تحدث فجوة في أي عمل جماعي، غير أنه من غير المقبول ألا تضع مؤسسات كبيرة وصغيرة «خطة تعاقب» إداري ليعرف الجميع من سيخلف من في الإدارة.

Email