المرأة الإماراتية في يومها

ت + ت - الحجم الطبيعي

تحتفل الإمارات في الثامن والعشرين من أغسطس من كل عام بيوم المرأة الإماراتية، وذلك تقديراً لجهودها ومساهمتها البارزة في المجتمع. ووراء كل مناسبة وطنية تقف قصة ناصعة تخلد ذكرى عزيزة على قلب الإماراتي. فالثامن والعشرون من أغسطس هو اليوم الذي تم فيه توحيد جميع الجمعيات النسوية في الإمارات تحت راية الاتحاد النسائي العام.

ومنذ تلك اللحظة بدأ طريق المرأة أكثر وضوحاً واتساقاً. فقد أصبح لنساء الإمارات منصة موحدة تتحدث باسمهن وتطرح قضاياهن في المحافل الدولية، صوت واحد يتحدث بقوة وبعمق عن حقوق الإماراتية وعن مشاركتها المجتمعية. فالإمارات تولي أهمية كبرى لتمكين المرأة ليس لأن ذلك ضرورة اقتصادية، بل لأن ذلك ضرورة وطنية، فبدون مشاركة المرأة في المجتمع سوف يظل نصفه خاملاً.

لم يكن طريق المرأة الإماراتية مفروشاً بالورود، ولا ممهداً، بل أنها خاضت حرباً شعواء ضد الجهل والأمية المستشريين بين صفوف النساء قبل الاتحاد. كانت الأمية حوالي 99 في المئة بين النساء، ولهذا كان عليها أولاً أن تمحي تلك الأمية وأن تسير في طريق العلم والمعرفة حتى تتمكن من المساهمة في رسم خريطة الطريق المجتمعي وفق الخصوصية التي ميزت الإمارات في ذلك الوقت.

وهكذا بدأت في الإمارات ما يشبه سباق وثورة كبرى لمحو أمية المرأة وإدماجها في المجتمع. ولهذا ركزت الجمعيات النسوية في بدايتها على التعليم قبل أي عنصر آخر. فعلى الرغم من بدائيته، إلا أنه كان العنصر الأساس في تمكين المرأة المجتمعي. وعلى الرغم من صعوبة إقناع الأسر بإدخال بناتهم في المدارس، إلا أن الأمر احتاج فقط إلى بعض الوقت ليصبح من أهم حقوق الفتاة.

اليوم عندما ننظر إلى سجل التطور النسوي في الإمارات نرى أنه يشبه ما مرت به جميع المجتمعات الشرقية مع فارق بسيط يتمثل في تلك الخصوصية الحضارية الذي يتميز بها مجتمع الإمارات.

فمثلاً، لم تدخل المرأة الإماراتية في صراع كبير مع العادات والأعراف والتقاليد الموجودة، بل أن تقدمها تمازج مع الشيء الكثير من العادات والتقاليد المحلية، الأمر الذي أعطى الإماراتية مزيجاً من الأصالة والحداثة.

وظلت الإماراتية محافظة على الكثير من عاداتها وتقاليدها على الرغم من وصولها للعديد من المراكز التي يرى البعض أنها لا تتناسب مع العادات الشرقية. فقد ظلت محافظة على زيها التقليدي حتى وهي تستعد للانطلاق للفضاء. فلم يكن الحجاب مثلاً، عائقاً من الانخراط في مهن كرائدة فضاء أو مشغلة لرافعة بناء أو غيرها من المهن.

اليوم والمرأة تدخل عصراً جديداً في ظل قيادة مؤمنة بحقوق المرأة وداعمة لها في كافة المجالات، يحق للمرأة أن تفخر بأنها امرأة محظوظة. فليس يضاهي ما تحظى به الإماراتية امرأة أخرى. لقد حصلت على كافة حقوقها دون صراع ودون أن تدخل في معارك حضارية من أجل نيل تلك الحقوق.

لقد حصلت على كل ما تتمناه من تمكين اقتصادي وسياسي وثقافي، الأمر الذي أعطاها الصدارة بين نساء العالم. ففي المؤشرات العالمية فيما يتعلق بالمساواة بين الجنسين وفرص العمل والتمييز بين الجنسين، حصدت الإماراتية الكثير من المراكز المتقدمة محققة قفزات كبيرة خاصة خلال العقدين الأخيرين.

إن الاحتفاء بالمرأة الإماراتية ليس فقط تقديراً لجهودها المجتمعية، بل أيضاً وفاءً وعرفاناً للتضحيات التي قدمتها للوطن. فهي أم الشهيد وزوجته وبدونها تقف عقارب الساعة عاجزة عن الدوران ويقف القلم عاجزاً عن الكتابة. إن هذه المناسبة هي لفتة كريمة من القيادة السياسية التي ارتأت أن يكون للمرأة الإماراتية يوم خاص بها ليقف كل فرد في المجتمع وقفة إجلال وتقدير للدور المهم الذي تقوم به المرأة سواء داخل المنزل أو خارجه. فعطاؤها لا يتوقف وخدمتها للمجتمع مستمرة طالما استمرت الحياة.

لقد حققت الإماراتية خلال الخمسين عاماً الأخيرة قفزة كبرى سوف تسجل في تاريخ الإمارات كإنجاز مهم يسجل للقيادة الرشيدة بفضل الدعم الكبير الذي قدمته للمرأة. فتشجيع القيادة كان واضحاً في صورة التشريعات والقوانين التي سنت والتي أعطت للمرأة حرية الحراك الاقتصادي والسياسي الأمر الذي أوصلها بسهولة إلى مراكز لم تكن قبل عقود تحلم بها. فكل عام والمرأة الإماراتية في تقدم مستمر.

 

Email