بايدن و«قلم الفيتو»

ت + ت - الحجم الطبيعي

غالبية المؤشرات واستطلاعات الرأي تقول إن الحزب الديمقراطي الأمريكي سوف يخسر انتخابات التجديد النصفي التي سوف تجرى في نوفمبر المقبل، والتي تشمل 435 عضواً يشكلون كل أعضاء مجلس النواب، وثلث أعضاء مجلس الشيوخ بنحو 35 عضواً، واتفقت كل استطلاعات الرأي بما فيها المؤسسات القريبة من الديمقراطيين بأن حزب بايدن سوف يخسر الأغلبية في مجلسي الشيوخ والنواب لو ظلت نوايا الناخبين على حالها حتى نوفمبر، وأن حصة الحزب الجمهوري سوف تزيد في مجلس النواب إلى نحو 230 عضواً، وقد يكسب الجمهوريون نحو 3 مقاعد إضافية في مجلس الشيوخ، ليصبح عددهم 53 مقعداً من أصل 100 مقعد هي إجمالي أعضاء مجلس الشيوخ.

الاقتصاد ثم الاقتصاد

قديماً قال القائد الفرنسي الشهير نابليون بونابرت «إن الجيوش تمشي على بطونها»، وكان يقصد خطوط الإمداد، خاصة من المأكل والمشرب، والآن يمكن تطبيق هذه المقولة بأن «الشعوب تمشي على بطونها» بمعنى أن الاقتصاد وفرص العمل ومعدلات الدخل ومستويات التضخم باتت هي الحاكمة في توجهات ونوايا الناخبين أمام صناديق الانتخاب، والحال في بلاد العم سام صعب للغاية بشهادة الجميع بمن فيهم الديمقراطيون أنفسهم، وقال 67 % من الديمقراطيين في استطلاع لصالح «بوليتكو» إن الاقتصاد الأمريكي يسير في المسار الخاطئ، بالإضافة إلى تفاقم جرائم السلاح والقتل، الأمر الذي قاد البعض للاعتقاد بأن الولايات المتحدة قد تدخل في حرب أهلية داخلية على غرار الحرب التي استمرت من عام 1861 حتى عام 1865، ناهيك عن صورة أمريكا الباهتة في الخارج، وهو الأمر الذي دفع توني بلير رئيس وزراء بريطانيا الأسبق للقول في يونيو الماضي إن «عالماً جديداً» يطل على البشرية مع الحرب في أوكرانيا.

الأمتار الأخيرة

أمام كل هذه التحديات التي تواجه الرئيس جو بايدن، يحاول البيت الأبيض في «الأمتار الأخيرة» قبل الانتخابات إظهار الثبات والقوة في أداء الرئيس من خلال الإعلان عن لقاء بين الرئيس بايدن ونظيره الصيني شي جين بينج في نوفمبر القادم لاحتواء التوتر بين البلدين حول تايوان، وتأكيد الفريق الاقتصادي للرئيس الأمريكي عن «بداية لكسر الارتفاع» في أسعار الوقود التي يرى الكثير من الأمريكيين أن سببها ليس قلة الإنتاج العالمي، بل لعدم صيانة محطات التكرير الأمريكية، ووقف مشروعات النفط والغاز في الداخل الأمريكي بقرارات من البيت الأبيض.

بطة عرجاء

رغم أن الولايات المتحدة ظلت «تتعايش» خلال آخر 70 عاماً بين رئيس في البيت الأبيض ينتمي لحزب سياسي بينما الأغلبية في الكونغرس تنتمي للحزب المنافس، إلا أن طبيعة الاستقطاب الحاد بين الجمهوريين والديمقراطيين غير مسبوقة، كما أن فوز الجمهوريين في انتخابات التجديد النصفي قد يطرح سيناريوهات صعبة، منها احتمالية ترشح الرئيس السابق دونالد ترامب لانتخابات 2024، وربما البحث عن مرشحين آخرين للحزب الديمقراطي بدلاً من الرئيس جو بايدن ونائبته كامالا هاريس، ويدور الحديث عن ترشح ميشيل أوباما، وربما حتى عودة هيلاري كلينتون، وكلها مسارات قد تجعل من الرئيس جو بايدن في العامين القادمين ليس فقط «بطة عرجاء»، بل قد يدخل في «معارك تكسير العظام» مع الأغلبية الجمهورية المتوقعة عبر استخدام «الفيتو» الرئاسي، فحتى القرارات التي يوافق عليها الكونغرس يستطيع الرئيس أن يوقفها بـ«قلم الفيتو» الرئاسي.

 

Email