قصة أم كلثوم مع النجمة البريطانية فيفيان لي

فيفيان لي (1913 ــ 1967) ممثلة بريطانية ذاع صيتها بعد أن قامت في عام 1939 ببطولة فيلم «ذهب مع الريح» المأخوذ عن رواية تحمل الاسم نفسه للكاتبة الأمريكية مارغريت ميتشل (1900 ــ 1949)، وهو الفيلم الذي يعتبر واحداً من أبرز كلاسيكيات السينما الأمريكية والعالمية، بل إن شهرتها بلغت الآفاق وصارت أيقونة للجمال لدى الشباب خلال حقبتي الأربعينات والخمسينات بعد حصول فيلمها هذا على ثماني جوائز أوسكار دفعة واحدة، بما فيها جائزة أفضل ممثلة التي كانت من نصيبها.

لكن ما علاقتها بكوكب الشرق السيدة أم كلثوم؟ تقول الدكتورة نعمات أحمد فؤاد في الصفحتين 254 و255 من كتابها «أم كلثوم وعصر من الفن» إن أم كلثوم كانت خلال فترة الحرب العالمية الثانية ملء السمع والبصر، لدرجة أن ألمانيا النازية تنافست مع الحلفاء على استخدام فنها في كسب مستمعي الراديو من خلال بث دعاياتهم وأخبارهم قبيل بث أغانيها للجمهور. في الوقت نفسه كان الإنجليز، بمن فيهم جنود وضباط جيشهم المتواجد على الأراضي المصرية مبهورين بنجمتهم الجميلة فيفيان لي بعد نجاح فيلمها الرومانسي الدرامي الخالد «ذهب مع الريح» مع الممثل الأمريكي الكبير كلارك غيبل.

وهكذا قررت السفارة البريطانية في القاهرة في أواخر أربعينات القرن الماضي أن توجه دعوة للفنانة فيفيان لي للقدوم إلى مصر لتقديم عرض مسرحي خاص على مسرح الأزبكية من باب الترفيه عن قواتها المرابطة في مصر، وأعدت لكل شيء عدته بما في ذلك توجيه الدعوات الرسمية إلى كبار شخصيات وأعيان الدولة والمجتمع. غير أن معظم المدعوين رد معتذراً عن عدم حضور الحفل. ولم يكن السبب سوى أن موعد حفل النجمة البريطانية كان في الخميس الأول من الشهر، أي اليوم الذي اعتادت فيه أم كلثوم أن تغني أغنية من أغانيها التي كانت تسمعها الجماهير من المحيط إلى الخليج منقولة على الهواء مباشرة من إذاعة القاهرة. وتفادياً لغضب الجمهور المصري، اضطرت السفارة البريطانية إلى أن تلغي حفلة فيفيان لي المقررة وتعتذر لها.

تعجبت الأخيرة من قصة إلغاء حفلتها، وحينما علمت بتفاصيلها صممت على حضور حفل أم كلثوم لترى بنفسها السيدة التي كانت سبباً في إلغاء حفلتها، لكن تذاكر الحفلة الكلثومية كانت قد بيعت بالكامل، وهو ما جعل السفير البريطاني يتصل شخصياً بالملك فاروق للتدخل وتدبير الأمر. وبالفعل قام الملك بتكليف ديوانه للعثور على مكان للنجمة البريطانية في مسرح الأزبكية الذي قام مسؤولوها بوضع كرسي إضافي في الصف الأمامي كي تجلس عليه فيفيان لي في مواجهة أم كلثوم.

وأخبرتنا الكاتبة الدكتورة نعمات أحمد فؤاد أن الصحافة البريطانية سألت فيفيان لي بعد عودتها من القاهرة عن رأيها في ما حدث لها هناك، فقالت إن أجمل ما حققته خلال تواجدها في مصر هو التعرف على صوت أم كلثوم غير القابل للوصف لجهة الجمال والرقة والعذوبة، مضيفة أن أم كلثوم معجزة لا تقل عن معجزة الأهرامات وأبو الهول.

لم تكن فيفيان لي تبالغ أو تنافق في حديثها عن كوكب الشرق، إذ يبدو أنها انبهرت بجمال صوتها حقاً مثلما انبهرت بضخامة جماهيريتها وشعبيتها، بدليل أنها عادت ثلاث مرات بعد ذلك إلى القاهرة لحضور حفلات أم كلثوم. وهذا هو الانطباع نفسه الذي خرج به المغني والممثل وعازف القيثارة الفرنسي مارك شوفالييه (1920 ــ 2013) بعد أن قابل أم كلثوم لأول مرة أثناء زيارته لمصر عام 1952، حيث تملكته الدهشة، وأخذ يردد كلمة «إمبوسيبل» (مستحيل)، قبل أن يقول للست: لقد سمعت اسمك في كل مكان زرته في الشرق فلم أر فناناً يتمتع بهذه الأرقام الضخمة من المعجبين، كما أنك صغيرة السن جداً بالنسبة إلى العرش الذي تجلسين عليه.

الأكثر مشاركة