الإرهاب.. أوجه وجذور

ت + ت - الحجم الطبيعي

بمقتل الإرهابي أيمن الظواهري الذي نشأ في كنف جماعة الإخوان، هناك من يقول: إن تنظيم القاعدة الإرهابي قارب على نهايته، وإن العالم بصدد طي صفحته. مشاعر الفرح والسعادة لخبر نفوق وموت رؤوس الشر ممن نشروا الإرهاب وقتلوا الأبرياء في مختلف المناطق من العالم، طبيعية لكل محبي السلام والحياة والعيش بطمأنينة لكل الناس ولمن ينشدون الاستقرار والأمان لكل شعوب العالم، وهذا ما تفعله دولة الإمارات العربية المتحدة.

المؤكد أن معرفة من سيخلفه في زعامة هذا التنظيم وغيره مهم وضروري، أو على الأقل من باب التفاعل مع الاهتمام الإعلامي الدولي، والذي أصبح عادة ملخصها: إنه بمجرد موت زعيم تنظيم إرهابي علينا أن ننتظر من سيخلفه إرهابي آخر، وبنهاية تنظيم سيخرج تنظيم إرهابي آخر. إلا أن الأهم من هذا هو التفكير في القضاء على من «فرخ» هذا الفكر من الأساس ووجد حاضنة لذلك في المجتمعات الغربية، الظواهري وبن لادن والبغدادي وغيرهم هم من «خريجي» مدرسة تنظيم الإخوان.

التفاعل الشعبي في موت الظواهري ومن سبقه على الأقل البغدادي، فخبر مقتله لم يحظ بالدرجة ذاتها من الاهتمام، وهذا مؤشر مهم في ناحية أن الناس والمجتمعات المسالمة تعلموا من الماضي وتجاربه، وعلموا أنه بمقتل إرهابي سيخرج عليهم مجرم آخر بفكر متطرف ربما يكون أخطر وأشد، كأن لسان حال خبراتهم وتجاربهم السابقة يقول «مات في البريـة كلـبٌ فاستـرحنا من عـواه... خلف الملعـون جـرواً فـاق في النبـح أباه».

وحتى تكون الصورة أوضح وأشمل فإن الإرهاب لا يقتصر على دين أو عرق أو منطقة معينة وإذا كان الحديث هنا عن زعيم يدعي الدين الإسلامي، وهو بريء منه، فإنني اعتبرها فرصة مواتية تعمل كل المجتمعات على تعزيز المفاهيم والقيم الإنسانية التي تحترم الإنسان وتحافظ على روحه وممتلكاته ولابد من بث روح التسامح في جميع المجتمعات ونبذ العنصرية والتعصب والانغلاق الفكري والأفكار المتطرفة، وفي المقابل العمل على تعزيز وترسيخ ثقافة الانفتاح وتقبل الآخرين، لأن الدين بالنسبة لكل الإرهابيين «مطية» أو وسيلة لأهداف أخرى.

إن ما تنتظره الشعوب المحبة للحياة والسلام هو مكافحة الفكر الإرهابي والقضاء عليه بكل أنواعه وأشكاله، وفي كل مكان وبقعة على وجه الأرض، لذا لابد من وجود تنسيق وتعاون بين جميع الدول والمنظمات الدولية لمتابعة ومواجهة ومحاربة والقضاء على كل أنوع الفكر الإرهابي.

مقتل إرهابي مهم في مكافحة التطرف العنيف، ولكن لكي يكون العمل أكثر شمولية لابد من التعامل مع كل التنظيمات الإرهابية بقوة وحزم، واتخاذ كل الطرق والوسائل للقضاء على الفكر الإرهابي بالتعاون والتنسيق بين كل الدول والمنظمات الدولية وبمشاركة كل المؤسسات الدينية والتعليمية والإعلامية والبحثية، فدورها مهم وكبير وداعم للمؤسسات الأمنية التي تعمل على مواجهة التنظيمات الإرهابية بشكل مباشر.

كذلك لابد من وقفة حزم ضد الدول التي تحتضن قيادات بعض التنظيمات الإرهابية أو تلك الدول الداعمة لها سواء بالمال أم التدريب أم حتى توفير الغطاء الإعلامي لها لنشر أفكارها وإبراز قادتها وتلميعهم. الواقع أن هناك تخاذلاً وتساهلاً دولياً وأممياً تجاه التعامل مع بعض التنظيمات الإرهابية ورفض تصنيفها كمنظمات إرهابية، وهو ما يتسبب في زيادة قوتها وانتشارها وسيطرتها على مناطق معينة وفي أحيان على دول كاملة.

إن الاستراتيجية الأمريكية والتي تستهدف القضاء على قيادات وكوادر التنظيمات الإرهابية لا تكفي بل تعتبر حلاً ثانوياً والمطلوب إيجاد حل جذري وهو بمواجهة الفكر الإرهابي وكل التنظيمات الإرهابية ومحاربة الأيديولوجيات المتطرفة بلا استثناء، خصوصاً إذا علمنا أن التنظيمات الإرهابية تتمدد وتتوسع، حيث تطرقت وتوقع عدد من الدراسات تواجد وانتشار مستقبلي لبعض التنظيمات الإرهابية في جنوب آسيا وأفريقيا، حيث من المتوقع أن تتمدد وتنتشر التهديدات الإرهابية إلى وسط وجنوب القارة الأفريقية.

للإرهاب أوجه متعددة أوضحها زعماء التنظيمات، كما أنها ظاهرة معقدة جداً من حيث الاختفاء وراء أهداف نبيلة، لذا لابد من التصدي لها ومكافحتها ووضع الحلول المناسبة لكل مرحلة وكل جانب أو وجه من وجوه الإرهاب.

 

Email