غاب الملحن المصري حسن أبوالسعود عن المشهد الفني في يوم الثلاثاء 17 أبريل سنة 2007، وقت نقله على عجل إلى المستشفى إثر هبوط مفاجئ في الدورة الدموية بسبب مضاعفات مرض السكري والوزن الزائد.
الكثيرون نسوا أبو السعود أو لا يتذكرونه أصلاً، رغم أنه كان وراء العديد من الألحان الخالدة لمطربين معروفين، ناهيك عن أنه فاز في انتخابات رئاسة نقابة الموسيقيين المصرية وترأسها منذ مارس 2002 وحتى تاريخ وفاته.
وأبو السعود، الذي ولد في المحلة الكبرى بتاريخ 2 أبريل 1948 ابناً لأسرة فنية كان ربها من أمهر عازفي آلة الكلارينيت، عاش صباه في ليبيا بحكم عمل والده رئيساً للإذاعة الليبية في عقد الستينيات. وحينما شب عاد إلى مصر فدرس بكلية التجارة/ جامعة القاهرة التي نال منها في عام 1970 بكالوريوس التجارة، لكن دون أن يزاول عملاً له صلة بشهادته.
تأثر الرجل بوالده فعشق الموسيقى، لذا بدأ حياته العملية عازفاً لآلة الأوكورديون في فرقة صلاح عرام الموسيقية، حيث امتاز بعزفه المتقن إلى درجة أنه لقب بـ «ساحر الأوكورديون»، غير أنه شعر لاحقاً بحاجته إلى المزيد من التجارب والمعارف في عالم الفن، فترك فرقة صلاح عرام وسافر إلى اليابان صحبة «فرقة رضا» التي كانت تتجول في العالم لتعرف الشعوب الأخرى إلى الفنون الشعبية المصرية.
في اليابان تلقى دروساً في الموسيقى الغربية على يد مدرس ياباني، فكان ذلك بداية لمسيرته العملية التالية التي تجلت في تأسيسه لفرقته الموسيقية الخاصة التي راح يطوف بها بعض البلدان الأوروبية، للعمل تارة، ولاكتساب المزيد من فنون الموسيقى الغربية تارة أخرى.
برع صاحبنا في خلق النغمة الشرقية الشعبية التي تستهوي الطبقة العريضة من الشعب المصري أو «أولاد البلد»، ولهذا عمل في بداياته المبكرة عازفاً في فرقة المطرب الشعبي أحمد عدوية، بل إنه لحن لعدوية إحدى أشهر أغانيه وهي أغنية «بنت السلطان» التي تسيدت ساحة الطرب الشعبي في عقد السبعينيات، ولا تزال مطلوبة إلى اليوم. كما أنه انتقل لبعض الوقت في سبعينيات القرن الماضي إلى لبنان للعمل كعازف خلف فريد الأطرش في نادٍ كان يملكه الأخير بمنطقة الروشة البيروتية.
ويكفي أن نشير هنا، كدليل على نبوغ أبو السعود الموسيقي، أنه وضع الموسيقى التصويرية لنحو 85 فيلماً مصرياً، ومن أهم هذه الأفلام: بطل من ورق، شادر السمك، سلام يا صاحبي، البيضة والحجر، العطار والسبع بنات، عيش أيامك، العمة نور، سوق الخضار، حنفي الأبهة، وجري الوحوش. إلى ذلك حاز جائزة أحسن موسيقى تصويرية مرات عدة عن الأفلام التالية: العار، نحن لا نزرع الشوك، الكيف، أربعة في مهمة رسمية، علاوة على موسيقى مسلسل «لن أعيش في جلباب أبي».
من جهة أخرى، انضم أبو السعود بصفته موسيقياً إلى نقابة الموسيقيين المصرية، فتعلم منها أساليب العمل النقابي وتدرج فيها من منصب إلى آخر إلى أن تمّ انتخابه نقيباً عام 2002 كما قلنا. وهكذا سجل اسمه في قائمة الكبار الذين قادوا النقابة منذ تأسيسها عام 1942 من أمثال أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب وعبد الحميد عبد الرحمن وأحمد فؤاد حسن وصلاح عرام وحلمي أمين.
وأخيراً، أجمع الذين عرفوه على أنه تميز بالطيبة والتواضع وخفة الدم والافتخار بجذوره، والوفاء لأصدقائه الذين كان يجد سعادة كبيرة في الجلوس معهم على مقهى بحي عابدين القاهري، حيث سكن في شبابه.