حكايات أهل الفن

قصة راقصة اتهمت بالجاسوسية ظلماً

ت + ت - الحجم الطبيعي

ابتسامتها المميزة وقوامها الرشيق وحركاتها اللولبية، علاوة على خفة دمها التي اكتسبتها من الولادة على أرض مصر، والاختلاط بمجتمعها، رفعتها إلى مصاف راقصات مصر الشهيرات في الخمسينات، لكن اسمها يشي بأنها ليست مصرية وإنما من «الخواجايات» اللواتي سكنّ وعشن في مصر، وهي كذلك بالفعل.

تلك هي كيتي فورتاكيس المولودة لأسرة يونانية في الإسكندرية في 21 أبريل 1927، زمن كان هذا الميناء المتوسطي يعج بالمهاجرين الشوام والأوروبيين. أما وفاتها فقيل إنها في الأول من مايو 1980 خارج مصر.

اشتهرت كيتي كفنانة استعراضية وراقصة شرقية وممثلة سينمائية تؤدي الأدوار الخفيفة الثانوية شبه الكوميدية، ولا سيما مع نجم الكوميديا الأول آنذاك إسماعيل يس، إضافة إلى سيد بدير ومحمد التابعي عضوي عائلة «عبد الرحيم بيه كبير الرحيمية قبلي» من نهايات الأربعينات عندما ظهرت في فيلم «خلود» 1948، وحتى منتصف الستينات حينما قدمت آخر أفلامها وهو «العقل والمال» 1965، علماً أنها في السينما غالباً ما تقمصت دور الراقصة في الكباريهات أو الأفراح أو الاستعراضات المسرحية مع استثناءات قليلة.

بعد فيلمها الأخير انسحبت من الساحة الفنية، وانقطعت أخبارها لتدور حولها الكثير من الشائعات والأقاويل غير الموثقة. فالبعض قال إنها اعتنقت الديانة اليهودية وانخرطت في الجاسوسية لصالح إسرائيل، مستنداً في ذلك إلى مذكرات «رأفت الهجان»، والتي تحدث فيها عن علاقة عاطفية قوية جمعته بفتاة يهودية مراهقة وطائشة تصغره بعام تدعى «بيتي»، فقيل إن «بيتي» هذه ليست سوى «كيتي»، وأن الهجان أخفى اسمها الحقيقي متعمداً، وأن علاقته بها وصلت حد انتقالها للعيش معه في مسكنه، ما تسبب له في مشاكل عائلية.

ومن هذا البعض من اتهمها بعلاقة مع الجاسوس الإسرائيلي إبراهيم دار أو «جون دارلينغ» ضمن شبكة «لافون» التي استهدفت مكاتب الاستعلامات الأمريكية بالقاهرة في الخمسينات، بهدف تخريب العلاقات المصرية الأمريكية الوطيدة آنذاك.

أما البعض الآخر فقال إنها كانت على علاقة قوية مع الممثل السوري اليهودي الهزلي إلياس مؤدب الذي تم التحقيق معه في الأيام الأولى لثورة يوليو، للاشتباه في تجسسه لصالح إسرائيل.

استـُخدمت كل هذه الشائعات التي لم يسبق أنْ دارت من قبل حول فنانة لتفسير اختفائها المفاجئ، حيث قال البعض إنها قررت العودة إلى وطنها اليونان بعد أنْ أصدر وزير القوى العاملة المصري في عهد عبد الناصر قراراً بطرد كل الراقصات الشرقيات الأجنبيات من البلاد، لإتاحة الفرصة أمام الراقصات المصريات، بينما قال البعض الآخر إنها غادرت مصر إلى أمريكا على عجل خوفاً من اعتقالها بتهمة الجاسوسية، وتزوجت هناك بشخص أمريكي من ذوي الأصول اليونانية.

وهكذا ظلت الألسن والجرائد تلوكها إلى أنْ خرجت الراقصة نجوى فؤاد عن صمتها لتقول إن كيتي، التي تزوجت بالمخرج المعروف حسن الصيفي، اكتشفت أنها مصابة بالسرطان، ما أثَّر في معنوياتها فآثرت الابتعاد عن الساحة الفنية، وغادرت مصر إلى موطنها الأصلي، لكن المفاجأة كانت في أغسطس 2020، أي بعد اختفائها لمدة 60 عاماً، حيث تبين أنها لا تزال على قيد الحياة، وتعيش حياة هادئة مستقرة في أثينا محتفظة بنبرة صوتها وشكلها الجسماني، وترفض الظهور إعلامياً، بل لا زالت تتابع الفن المصري.

خلال مسيرتها الفنية ما بين عام 1948 وعام 1965 ظهرت كيتي في ما يقرب من 60 فيلماً من أفلام الأبيض والأسود، لعل أشهرها فيلم «عفريتة إسماعيل يس» 1954 الذي جسدت فيه دور العفريتة كيتي، واستحوذت فيه على مساحة واسعة؛ وفيلم «إسماعيل يس في متحف الشمع» 1956 مع فؤاد جعفر وسناء جميل وإسماعيل يس وعبد الفتاح القصري في دور «كيتي» ابنة الحانوتي كيرياكو (علي عبد العال)؛ وفيلم «إسماعيل يس في مستشفى المجانين» 1958 مع هند رستم وإسماعيل يس وعبد الفتاح القصري وزينات صدقي في دور الراقصة أزهار. ومن أدوارها خلاف دور الراقصة: دور ماريا الخياطة في فيلم «لسانك حصانك» 1953؛ ودور السكرتيرة الأجنبية في فيلم «مجلس الإدارة» 1953؛ ودور ماري وصيفة نازك (هدى سلطان) في فيلم «بيت الطاعة» 1953.

Email