هواجس الناس حق والتفاؤل يجلب الخير

ت + ت - الحجم الطبيعي

في هذه المرحلة الزمنية التي نمر بها، أو التي تمر علينا، لا فرق، تقرأ في عيون الكثيرين في غير مكان من الأرض، هاجس أن شيئاً غير سار قادم في الطريق، وإن لم يكن غير سار، فهو على الأرجح سينال من سعادة الإنسان وركونه المطمئن إلى الحياة في مكانه والناس من حوله.

وهذا النوع من الهواجس يعزوه البعض إلى تخبطات الشيطان، وإن لم يكن هذا مصدره، فاليقين أن سببه هو كثرة الاستماع إلى الأخبار شرقاً وغرباً، وهي في المجمل ليست سارة، حتى وإن لم يعننا بعضها بشكل مباشر، حتى وإن كان أكثرها حمّال أوجه، تعني إما كذا وإما كذا، لتزيد في احتمالات الحيرة لدى العامة وقلقهم.

وللحق ليس كل الأخبار كاذبة، كما يعلم أغلبنا، ولا كلها صادقة، لكن تبقى الأخبار أخباراً لها ما يبرر بثها، وإعادة بثها لمرة واثنتين وثلاثاً، فهنالك من لا يقتنع بما يملك، أفراداً أو دولاً، فيريد المزيد يدفعه الجشع لاستحلاب ضروع المنافع أنى وجدت، قربت أو بعدت.

لا تعجبه الحياة على ما هي عليه في الكوكب كله، فيريد أن يوجهها كما يهوى ويرغب. لا يعجبه البشر ويرى فيهم خلقة عجباً تؤذيه، فيحاول تغيير تكوينها قدر استطاعته وإن فشل، لتتوافق شكلاً ومفهوماً مع ما في ذهنه ونفسه من تصورات.

هو يرى في البشر سويّة طبيعية ومتوازنة لا يحبها فيريد تغييرها، ويرى في قلوبهم أدياناً تنير قلوبهم وتطمئن لها أرواحهم لا تروق له فيريد غرز بديل عنها، ويرى فيهم هدىً يعمُّ العالمين فيريد لهم بدلاً منها الضلالة والظلمة.

إن الهواجس لدى الناس في الزمن الراهن، لم تأتهم من فراغ؛ إذ لا دخان من غير نار، ولا خشية من غير نذر سيئة، من حق الناس، كل الناس، ألّا يأمنوا جانب من يهدد هويتهم وعمادها الدين، مصدراً للأخلاق والقوانين، واللغة العربية، مصدراً للعقل والمروءة، بل والرجولة التي تعني النبالة في أبهى صورها.

من حق الناس أن يخشوا على أنفسهم، وثقافتهم، وأولادهم، من زلل مقبل حثيثاً دبّر في ليل، وهذه لا علاقة لها بنظرية المؤامرة التي يريد بعضنا المخادع (والمتذاكي جداً) إشاعتها ليكف الناس عن التنبّه والتفكير بما ينفعهم، وبما يجب أن يكونوا عليه من وعي وقدرة تؤهلانهم للصمود والثبوت أمام هذا الدمار، هذا الخراب القيمي الكبير الذي بدأ يدب على قدميه باتجاه جدارنا الأخير، داخلاً تارة في تضاعيف الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، وتارة يتخذ من المصلحة الاقتصادية وسيلة، وأخرى يركب فيها سفينة نوح الإنسانية، يذرع بها فضاءات البراءة لدى عباد الله، موكلٌ بتوزيع الخديعة وحرية الأنين على الخلقِ في جهات الدنيا.

لا أذكر تاريخاً محدداً، عاشه أجداد أجدادنا وآبائنا أو قرأته في كتاب، لخلخلة في كل أمر كالتي تمر بها البشرية في زمنها الراهن. إنها غير مسبوقة، لكن يظل الإيمان والوعي والعمل الجاد عماد التفاؤل الذي يؤدي إلى الخير والنجاح.

Email