أججت الحرب في أوكرانيا أزمة غذاء عالمية، برفع أسعار الحبوب، وبدأ الحديث عن حرب الخبز العالمية، بتأكيد وزير الخارجية الإيطالي، لويجي دي مايو، أن «الحرب بدأت»، بسبب منع تصدير القمح الأوكراني، أن هذا الأمر يمكن أن يؤدي إلى زعزعة الاستقرار السياسي في أفريقيا، وانتشار المنظمات الإرهابية، والانقلابات.
تصريح الوزير الإيطالي، وإن كان صادماً، إلا أنه يحمل شيئاً من الواقعية، فالحرب كشفت بالفعل عن الطبيعة المترابطة بين أنظمة الغذاء العالمية وهشاشتها، والعواقب الوخيمة على الأمن الغذائي والتغذوي العالمي. ففي موسم الزراعة، عُرقلت الصادرات والنمو، وتَهدد الأمن الغذائي العالمي، لكن أزمة الخبز غير مرتبطة فقط بحرب أوكرانيا، وإنما أيضاً الأزمات البيئية والمناخية، حيث إن قطاع الأغذية الزراعية سيحتاج إلى 35 % أكثر من المياه، لإنتاج الحبوب، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى كوارث بيئية، وزيادة التنافس على الموارد، وإذكاء التحديات الاجتماعية والصراعات الجديدة.
من المؤكد أن استمرار الحرب في أوكرانيا، يعني الجوع في أفريقيا، ويعني أيضاً اختلال «سلة الخبز لأوروبا»، مع حظر الهند تصدير القمح، فيما تعد موسكو وكييف من أكبر الدول المصدرة للقمح، وهما تستحوذان معاً على ثلث التجارة العالمية، فالاختلال المحتمل في الأنشطة الزراعية لهاتين الدولتين المصدرتين الرئيستين للسلع الأساسية، يمكن أن يؤدي إلى زيادة انعدام الأمن الغذائي على مستوى العالم بشكل خطير، ويفتح الباب أمام «حرب الخبز».
أسعار المواد الغذائية الأساسية أصلاً آخذة في الارتفاع عالمياً، بسبب اضطرابات سلسلة الإمدادات الغذائية للحبوب الناجمة عن تفشي فيروس «كورونا»، وفاقم النزاع هذا الوضع، من الضروري على حد قول الوزير الإيطالي، أن يشمل النزاع اتفاقاً بشأن الحبوب، مثل اتفاقية وقف إطلاق النار، التي تسمح لنا بإجلاء النساء والمدنيين، فالصراع في أوكرانيا، والذي يعد كارثة بالفعل بالنسبة للمتأثرين به بشكل مباشر، سيكون أيضاً مأساة لأفقر شعوب العالم، الذين يعيشون في مناطق ريفية، ما قد يؤدي إلى اضطرابات اجتماعية.