ليس دفاعاً عن قيس سعيد

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا شك أن قرار الرئيس التونسي قيس سعيد إجراء استفتاء على الدستور في يوم 25 يوليو للمرور إلى الجمهورية الثالثة وإن لقي انتقادات كبيرة سيما الأحزاب الفاعلة، بحجّة الإخلال ببعض قواعد التوافق، إلا أنه يعد ضرورة حيوية تمنح النظام السياسي الفعالية الضرورية لتحرير قدرات البلاد، وتجاوز الوضع الصعب الذي تعيشه تونس بتبني رؤية مختلفة لا تقوم على أساس المحاصصة الحزبية التي لم تجلب للبلاد إلا التخلف.

دستور عام 2014 الذي لقي إجماعاً كبيراً، حيث كان الرهان على تأسيس جمهورية ثانية أكثر عدالة وأكثر حرية وكان ثمرة لحوار وطني، إلا إنه ما فتئ وأن أصبح محل صدامات في ظل وجود العديد من الثغرات التي ساهمت في تأزم الوضع على غرار المحكمة الدستورية التي من أهم مكتسبات الدستور الديمقراطي لما بعد الثورة في تونس، لم يتم تنصيبها.

بالرغم من أنها كان يمكنها مراجعة قرارات البرلمان وإبطالها، كما المشكل الدستوري الموجود حالياً في تونس جاء نتيجة لدستور 2014 الذي جاء لضرب الدولة من الداخل ومؤسساتها واختصاصاتها، حيث إن احتواء أي صراعٍ أخذ في التصاعد وحمل نُذُر تضييَّع الديمقراطية وأحلامها بطريقةٍ مختلفةٍ.

وغني عن القول إن الأزمة السياسية الحالية التي تشهدها تونس تُمثل أكثر اللحظات اضطراباً في عملية ترسيخ الديمقراطية على اعتبار أن مؤسّسي الجمهورية الثانية هندسوا منظومة حكم على مقاس بعض الأحزاب، فكانت النّتيجة أن لا فصل حقيقياً بين السلطات وتعطيل المؤسسات.

حيث إن الدستور كان بعيداً كل البعد عن مطالب الشعب في الشغل والحرية والكرامة، كما مثّل عائقاً أمام إيجاد حلول فعلية للمشكلات التي تعاني منها البلاد في غياب أسس للشراكة، فالرئيس التونسي من خلال دعوته إلى بناء جمهورية ثالثة محاولة جريئة لكسر الجمود في مؤسسات الحكم ووضع تونس على الطريق الصحيح. تكون فيها السيادة والكلمة الأخيرة للشعب وليس لإرادة الأطراف السياسية.

Email