ثقافة الاعتذار

ت + ت - الحجم الطبيعي

«آسف»، «أعتذر»، «عذراً»، وغيرها من الكلمات التي تأتي في العربية، مرادفة لكلمة أو تعبير «آسف»، هي كلمات كثيرة، تحمل بين ثناياها شفاءً للعلاقات الإنسانية، وتخفف من وطأة المواقف التي تقع بين طرفين، قد تؤدي إلى كسر العلاقة الإنسانية أو خدش سطحها. تلك المواقف كثيرة، نتعرض لها يومياً، مع أناس نحبهم وآخرين لا تربطنا بهم سوى علاقة الدم، وعلاجها في أحيان كثيرة يكون بالاعتذار الذي يكاد يشكل ثقافة مستقلة بذاتها، ثقافة تعرفها جل الثقافات الإنسانية واللغات أيضاً وقد خصصت لها معاني متعددة، هدفها الرئيس إصلاح ما قد كسر أثناء ارتكابنا خطأ ما سواء في نقاش أو بيع وشراء أو تعامل عابر مع الآخرين.

أحياناً كثيرة لا ندرك أن للكلمة تأثيراً قوياً في النفس، كونها تمس العقل والروح والقلب معاً، ولذا فتأثيرها يكون فعالاً في النفس والذهن. في أحيان كثيرة ننطق بكلماتنا من دون وعي أو إدراك، ولا سيما في لحظات «المزاح»، ولا ندرك حجم ما تتركه من آثار إلا حينما تصيبنا كرصاصة مميتة. بعضنا لا يقيم وزناً لكلماته، ولا يمحي آثارها بكلمة «آسف»، يتركها كما هي ليتحول لونها مع مرور الوقت إلى أسود، فتظل علامة في العلاقة.

كم نحن قريبون من ثقافة الاعتذار؟ سؤال يجدر بنا التوقف عنده والتفكير فيه ملياً، ولنا أن نتخيل كيف لكلمة «آسف» المؤلفة من 3 أحرف، أن تزيل من آثار الكلمات، وأن تصلح علاقات تقف على شفا الانهيار. فهذه الكلمة ومرادفاتها وإن كثرت في اللغة، تبدو أشبه بـ«مرهم شفاء»، فيها دواء للعلاقات الإنسانية وجبر للخواطر. قد لا نكون في حياتنا اليومية قد تعودنا التعامل مع ثقافة الاعتذار، ولكنها في الواقع تمثل أساساً لقيمنا الأخلاقية، وتؤكد اتزان الشخصية.

مسار

الاعتذار فيه برهان صدق للقلوب الحية.

 

Email