الانسداد في العراق إلى متى؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

يمر العراق بظرف حساس وسط انسداد سياسي وتأخر استحقاقات دستورية عن مواعيدها المحددة، في ظل الانتقال من الاختلاف إلى الخلاف والعمل على ترسيخه دون الركون للمشتركات التي تجمع الفرقاء في المنظومة السياسية، فلا وجود لمنطقة ظل ومسك العصا من الوسط، نتيجة تصلب القوى السياسية في مواقفها، وتمعن في توسيع مساحات عدم الثقة بينها، والاستثمار في تضييع الوقت حتى خلقت الصراعات بين السياسيين أنفسهم نوعاً من المواجهة، فيما بقى حال الوطن يرزح بآلام شعبه وعدم فتح أي كوة أمل لمعالجة الوضع السياسي والأمني والاجتماعي.

بعد مضي7 أشهر على إجراء انتخابات مُبكرة استجابة لحراك شعبي وإجماع وطني بهدف الدفع نحو الحل السياسي وتحسين أوضاع العراقيين، دخل المشهد السياسي العراقي في تعقيد أكثر من أي وقت مضى، فلا مفاوضات الأطراف قربت المتنافسين من الحل الوسط ولا النوايا الصادقة نجحت في توفير مناخ العمل الوطني الذي يزيل الخلافات يلبي آمال الناس في تحسين أوضاعهم، فباتت قضية تشكيل الحكومة تدور في حلقة مغلقة ونفق مظلم دون حل يلوح بالأفق قريباً، فيما تشهد الكتل السياسية تشتتاً بالمواقف والتوجهات، ما يصعب خلق انفراج حقيقي علماً أن هذا الوضع ناتج أصلاً من عدم تطوير العملية السياسية وبقائها حبيسة العقليات الخاصة، بالرغم من أن التحديات الراهنة في العراق تفرض تشخيصاً بحجمها، وواقعية في الأطروحات.

وغني عن القول أن سياسة الذهاب بتحالفات غير متوازنة واعتماد أسلوب كسر الإرادات لن يجدي نفعاً، بل سيزيد من توتر الوضع والتوجه نحو طريق مجهول يدفع ثمنه الشعب العراقي، فالمصير المرتبك الذي يعيشه البلد يستدعي توحيد الكلمة والصف بما يفضي إلى قيام حكومة تلبي المتطلبات الأساسية على أقل تقدير، فالقوى السياسية أمام مسؤولية تاريخية ووطنية وأخلاقية لإنهاء الانسداد المزمن عبر بدء حوار جاد وفاعل للخروج من الأزمة الراهنة، وتمكين هذه الدولة من القيام بواجباتها تجاه العراقيين وإدارة شؤون البلاد.

Email