فقيد الوطن والإنسانية

ت + ت - الحجم الطبيعي

بوفاة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، طيب الله ثراه، تكون الإمارات ومعها العالم أجمع، قد فقدوا شخصية إنسانية عظيمة تركت إرثاً وطنياً وقومياً كبيراً سيحكي للأجيال القادمة عما قام به من أعمال طوال سنوات.

وكما كانت مرحلة المغفور له الشيخ خليفة في الحكم محطة جديدة في تاريخ الإمارات عرفت بمرحلة التمكين التي وضع فيها استراتيجيته التنموية وشملت كل المجالات في الدولة وبشكل أخص تمكين المرأة الإماراتية سياسياً، إلا أنه علينا أن نعرف أنه منذ عام 1966 وهو يشارك في رسم رؤية هذه الدولة مع والده المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، والذي يعد معلمه الأول وبالتالي مثّل الشيخ خليفة امتداداً لنهجه الوطني والإنساني ولهذا لم يشعر أحد بتغير النهج.

لقد مثلت برقيات التعزية التي توالت بمجرد الإعلان عن وفاة المغفور له تعبيراً عن حالة الصدمة التي استشعرها المجتمع الدولي بفقدانه، وهو ما يفسر حجم المصيبة التي ألمت بالإمارات وأبناء الخليج والأمة العربية وكل محبي المغفور له في العالم بل إن هناك دولاً عربية أعلنت حالات الحداد وتنكيس أعلام بلادها لحزنها الشديد عليه. ويبقى عزاء الإنسانية في العالم أنه رغم رحيله إلا أنه سيبقى «خالداً» بفعل ما أنجزه من أعمال ستستمر، بل ستكون سيرته «أيقونة» للاقتداء بها في خدمة الإنسانية وحب الخير.

حينما تريد أن تقدم الشيخ خليفة باحتسابه أحد القادة المؤثرين في العالم أو أنه من بُناة دولة، انطلاقاً من تقلده العديد من المناصب الإدارية والعسكرية التي أسهمت في أن تكون ركيزة أساسية في ما بعد، فإن ذلك يكون تسليط الضوء على جانب «صغير» أو محدد من أعماله الوطنية وينطبق الأمر على المستوى الخارجي أيضاً لأنه في الحقيقة هو قائد يمتلك رؤية شاملة ليس في البناء فقط وإنما في تحفيز الناس على العطاء من خلال المؤسسات المتخصصة والمبادرات التي أطلقها بل أوجد لها جوائز ومكافآت لتشجيع الناس على العطاء والعمل، وبالتالي من الطبيعي أن نجد تلك الصدمة التي ما زالت مسيطرة على الناس حتى الآن.

لأنه بكل بساطة سيترك فراغاً في وجدان كل من عرفه ومن اعتاد تواضعه واهتمامه بشؤون الوطن من مقيمين ومواطنين، فهو بالنسبة لأبناء الإمارات والخليج واحد من أفراد الأسرة الكبيرة.

الإنسانية بأكملها، وليس الإمارات أو العالمان العربي والإسلامي، تشعر بفجيعة وفاة الشيخ خليفة، صاحب اليد الممدودة للخير، وإعلان رحيله أشعرنا بحجم مكانته وتأثيره في الجميع ولن يكون غريباً أن يبقى في ذاكرة الأمم والإنسانية لأن همه كان خدمة البشرية ابتداءً من ابن الإمارات ووصولاً إلى أقصى العالم.

سنبقى نتذكر أعماله الوطنية والقومية الخالدة، وبصماته الإنسانية في العالم. رحم الله الشيخ خليفة رحمة واسعة وندعو الله العلي القدير أن يغفر له وأن يدخله فسيح جناته و((إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون)).

كاتب إماراتي *

Email