«حكايات أهل الفن»

«محمووود.. إنت بتعمل إيه يا حبيبي؟»

ت + ت - الحجم الطبيعي

يعتبر برنامج «ساعة لقلبك» الإذاعي الفكاهي، الذي كان يبث من عام 1953 إلى عام 1964، إحدى العلامات المضيئة في تاريخ الإذاعة المصرية. إذ كان نافذة لرسم البسمة على شفاه المستمعين، ومسرحاً مجانياً للأسر داخل بيوتها، ومتنفساً للترفيه اليومي البريء، ناهيك عن أنه خرّج جيلاً من نجوم الكوميديا الكبار.

اعتمد البرنامج في بداياته على ثلاثة أبطال فقط، هم: أحمد الحداد وحسين الفار وسلطان الجزار، لكن سرعان ما انضمت إليهم مجموعة أخرى من الفنانين والموهوبين، بسبب الإقبال الجماهيري الكبير عليه، من أمثال فؤاد المهندس، الذي جسد شخصية الزوج «محمود»، وأمين الهنيدي في دور «فهلاو»، وخيرية أحمد في دور «زوجة محمود».

ومحمد أحمد المصري في دور «أبو لمعة»، وفؤاد راتب في دور «الخواجة بيجو»، ومحمد يوسف في دور «المعلم شكل»، ولطفي عبد الحميد في دور «فتلة»، ومحمد عمر فرحات في دور «الدكتور شديد»، علاوة على عبد المنعم مدبولي، ومحمد عوض، وجمالات زايد، ونبيلة السيد، ورفيعة الشال، وأنور محمد، وعبد المنعم عوف، وعمر عفيفي، وعادل الطوبجي، وليلى فهمي.

والحقيقة أن «ساعة لقلبك»، كان فاتحة خير على كل المشاركين فيه، بدليل أنهم صعدوا سريعاً إلى عوالم الشهرة والأضواء، وانهالت عليهم العروض السينمائية والمسرحية، لا سيما الفنانة خيرية أحمد (ت: 2011)، التي لم تكن آنذاك في شهرة شقيقتها سميرة أحمد، ولم يكن في رصيدها الفني سوى أدوار صغيرة، قدمتها مع فرقة «المسرح الحر»، بل لم تكن متزوجة، فتعرفت من خلال البرنامج على المؤلف يوسف عوف، الذي تزوجها.

يعود الفضل في فكرة شخصية «زوجة محمود»، إلى عبد المنعم مدبولي. فحينما كان جالساً مع خيرية أحمد وبعض أصدقائه على أحد شواطئ الاصطياف، شاهد زوجة تعامل زوجها باهتمام لافت، وتحدثه بطريقة متميزة، فاختمرت فكرة الشخصية في رأسه، وراح يكتب «سكتش» من وحي ما رآه، مع إضافة بعض البهارات والمواقف، وردود الأفعال الباردة من قبل الزوج، ثم قدم الدور لخيرية أحمد، التي أجادت تقمص الشخصية، خصوصاً في محاولاتها العبيطة للفت انتباه زوجها، بترديد سؤال «محموووووود.. انت بتعمل إيه يا حبيبي؟»، بطريقة كوميدية، من خلال مد حرف الواو مداً يثير الضحك.

ولعل ما زاد البرنامج ظرافة فوق ظرافة شخصية «الدكتور شديد»، الذي يختصر دوماً ردة فعله إزاء أي موقف بجملة «وماله يا خويا»، وشخصيتي الصديقين «الخواجة بيجو» و«أبولمعة»، اللذين يناكفان بعضهما البعض، باختلاق الأكاذيب وفبركة الحكايات المستفزة، وإطلاق الادعاءات الفارغة، وأخيراً، شخصية الزوج «محمود»، الذي يحاول، دون نجاح، صد زوجته اللحوحة بإلحاق الأذى بها.

أما عن فكرة البرنامج ككل، فقد أخبرنا الإذاعي فهمي عمر، في حوار صحافي، أنها من بنات أفكار زميله الإذاعي أحمد طاهر، الذي كان يعمل في أربعينيات القرن الماضي في هيئة الإذاعة البريطانية بلندن، ثم عاد إلى مصر، بعد إلغاء وزارة الوفد للمعاهدة المصرية الإنجليزية عام 1951.

والتحق بالإذاعة المصرية، وقدم العديد من البرامج الجماهيرية، مثل: «جرب حظك»، و«على الناصية»، و«أوائل الطلبة»، و«ساعة لقلبك». لاحقاً، تمّ تعيينه مديراً للمنوعات، ومشرفاً على هذه البرامج، فوزع تقديمها على عدد من المذيعين، واحتفظ لنفسه بتقديم «ساعة لقلبك». فعمل على فتح الباب أمام من يجد في نفسه ملكة الفكاهة، وقام بالتردد على حفلات طلبة الجامعات، والفرق الكشفية، لاكتشاف المواهب، فنجح في استقطاب مجموعة من ممثلي وكتاب الفكاهة، الذين أسعدوا الجماهير لسنوات، وأدخلوا البهجة والسعادة إلى كل بيت مصري وعربي في الزمن الذهبي للراديو.

 

 

Email