سجال بين شخصين غير عاديين

ت + ت - الحجم الطبيعي

توقع بيل غيتس، المؤسس المشارك لشركة مايكروسوفت، في مقابلة صحفية نشرتها «وول ستريت جورنال»، أن إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة تسلا للسيارات الكهربائية سيجعل المعلومات المضللة أكثر انتشاراً على الموقع. والموقع هو «تويتر» الذي استحوذ عليه ماسك مؤخراً بمبلغ قدره 44 مليار دولار. وأضاف غيتس متحدثاً للصحيفة: إن ماسك في الواقع يمكن أن يزيد الأمور سوءاً على «تويتر»، فعلى الرغم من سجله الناجح في شركاته، لا أتوقع أن هذا النجاح سيتحقق مع «تويتر» أيضاً.

وإلى الآن لم يعلّق ماسك على حديث غيتس إلى الصحيفة، لكن بالعودة إلى بعض الأخبار التي رافقت صفقة القرن في عالم المال والأعمال بأمريكا، فإن ماسك كان قد كرر غير مرة أن حرية التعبير مهمة في مثل هذه المواقع الاجتماعية، ما اعتبره المهتمون رسالة مفادها أن جرعة الحرية في موقع تويتر سوف تزيد، وأن جرعة الرقابة الانتقائية ستنخفض نسبتها عن الأول. إلى أي مدى سوف يتحقق ذلك في الواقع؟ الأسابيع المقبلة كفيلة بكشف الحقيقة.

لكن من يسمع السجال بين قطبي المال بيل غيتس «132 ملياراً»، وإيلون ماسك «300 مليار دولار»، يدفعه فضوله لمعرفة الخلفية التي تجعل غيتس ينظر بعين الشك إلى ما سوف تؤول إليه الحال في موقع تويتر بعدما يتسلّم ماسك إدارته الفعليّة، فما وراء الأكمة من أسباب؟

غيتس نفسه كشف جانباً من تلك الأسباب التي تبين أنها مخاوف شخصية، إذ صرح للصحيفة ذاتها قائلاً: لا أعرف ماذا سيكون رد فعله على الأخبار التي تروّج لفكرة أن بيل غيتس يراقب الأشخاص حول العالم عبر الرقائق الإلكترونية في أجساد الناس، هل سوف يرى ماسك أن هذه الأشياء يجب أن يتم نشرها على الموقع بحرية؟

هنا إذن مربط الفرس، فثمة أخبار كان نشرها في «تويتر» يشكل مصدر ضيق لبيل غيتس طوال السنوات الماضية، واليوم يتمنى على الإدارة الجديدة لتويتر ألا تسمح بتكرار النشر، مبيناً ذلك بوضوح في المقابلة ذاتها، إذ ذكر في السياق: إن حكومات العالم وشركات وسائل التواصل الاجتماعي فشلت في تفنيد التعليقات الكاذبة المتعلقة بوباء كورونا بشكل كامل، وأعتقد أن لدينا مشكلة في القيادة في الأساس.

والقيادة التي يقصدها غيتس هي على الأرجح قيادة وسائل التواصل الاجتماعي التي سوف يصبح ماسك أحدهم بعد امتلاكه إحدى أهم وسائل التواصل الاجتماعي، «تويتر»، التي لها تأثيرات مباشرة وغير مباشرة في قرارات الشخص الفردية، وفي السيطرة على توجهات البشرية عامة، فوفقاً للدراسات التي تزامنت مع الاستحواذ على «تويتر»، فإن ماسك يهدف من خلال امتلاكه لهذه الوسيلة المهمة تحقيق هدفين: الأول الموارد المالية، والثاني اختيارات الناس وأفكارهم، فالاستثمار في وسائل التواصل الاجتماعي، وفي وسائل الإعلام على اختلافها، بإمكانه قولبة تفكير رجل الشارع وتشكيل الرأي العام، ووسائل التواصل الاجتماعي والإعلامي بمجملها، هي في الحقيقة على غير ما يعتقد البعض أنها في أيدي الناس يقولون فيها ما يشاؤون وهي ليست كذلك، ولا هي في أيدي حكومات الأرض، بل هي في أيدي النخبة المالية والسياسية التي تشكل 20٪ من سكان العالم.

 

Email