تكلفة الإرهاب في مصر

ت + ت - الحجم الطبيعي

3277 شهيداً وأكثر من 16 ألف مصاب هي حصيلة ضحايا الدولة المصرية في مواجهة الإرهاب منذ ثورة 30 يونيو 2013، حتى هذه اللحظة.

هذه الإحصائية كشف عنها الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال كلمته في حفل إفطار الأسرة المصرية مساء الثلاثاء 26 أبريل الحالي، هو ثمن كبير وفادح، لكنه مكّن مصر وشعبها من الانتصار على الإرهاب وكسر شوكته إلى حد كبير.

هذا الرقم يعني أن هناك 3277 أسرة فقدت عائلها أو ابنها أو عمودها الفقري، وأن الأولاد كتب عليهم أن يكونوا يتامى في سن صغيرة جداً، ويعني أيضاً أن 16 ألف شخص كانوا بكامل صحتهم صاروا غير قادرين على العمل.

إذاً الشهداء والمصابون وعددهم معاً يقترب من 20 ألف شخص، هم من جعلوا مصر تنعم الآن بالاستقرار الذي لا يختلف عليه اثنان مقارنة بأوضاع متوترة وهشة في بعض بلدان المنطقة.

مصر خاضت حرباً شرسة ضد الإرهاب منذ سنوات طويلة، لكن المعركة الأكثر شراسة كانت في الفترة من 2013 حتى شهور قليلة مضت.

في يوم 3 يوليو 2013 نجح الشعب المصري في إزاحة حكم جماعة الإخوان بفضل ثورة 30 يونيو 2013..

في اليوم التالي، 4 يوليو شن إرهابيون في سيناء هجمات منظمة ومنسقة ومتزامنة ضد العديد من قواعد وارتكازات القوات المسلحة والشرطة والمنشآت المدنية، وكان التطور اللافت للنظر هو استخدام أسلحة لا تملكها إلا الجيوش مثل القذائف المضادة للدبابات والدروع والأسلحة المضادة للطائرات المروحية.

في الأيام التالية كان الإرهابيون يستعرضون قوتهم ونفوذهم وهم يتجولون في شوارع وميادين سيناء بحرية كاملة، مستقلين السيارات «البيك أب» أو الدراجات النارية ورافعين علمهم الأسود.

وخلال اعتصام قادة وكوادر وأنصار جماعة الإخوان في ميدان رابعة العدوية الشهير بمدينة نصر شرقي القاهرة وقف أحد قادة الجماعة وهو محمد البلتاجي يخطب أمام أنصاره، وعلى الهواء مباشرة عبر قناة «الجزيرة مباشر مصر» ليقول بوضوح إنه في اللحظة التي سيعود فيه الحكم لجماعة الإخوان، فإن التفجيرات والعمليات والحرب في سيناء سوف تتوقف على الفور، وكان ذلك هو أوضح تأكيد على وجود التنسيق الكبير والكامل بين الإخوان والإرهابيين في سيناء.

ونتذكر أنه خلال عام حكم الجماعة، قام الإرهابيون بخطف 21 جندياً مصرياً في سيناء، ثم تبين أنه كان هناك تنسيق واضح بين الجماعة والخاطفين. ونتذكر أيضاً أن الرئيس الإخواني الأسبق محمد مرسي قال عبارته الكوميدية الشهيرة بضرورة «الحفاظ على حياة الخاطفين والمخطوفين»!.

بل إنه أوفد في هذا الوقت مستشاره عماد عبدالغفور القطب، السلفي المعروف، بسيارة تخص رئاسة الجمهورية ليتفاوض مع الخاطفين، ولم تنته الأزمة إلا حينما هدد وزير الدفاع وقتها الفريق أول عبدالفتاح السيسي، بإبادة الخاطفين إذا لم يطلقوا سراح الجنود فوراً.

الإرهابيون عاثوا فساداً في سيناء، وهددوا وقتلوا وأصابوا جنوداً وضباطاً من الشرطة والقوات المسلحة، كما استهدفوا المدنيين والأقباط، بل وكل من يحاول أن يعمر في المنطقة.

أهالي سيناء الأبطال تحملوا جانباً كبيراً من التضحيات ومعهم كل من عمل في هذه المنطقة. بعض الناس هجروا بيوتهم وبعضهم لم يتمكن من زراعة الزيتون بسبب تهديدات الإرهابيين. ونتذكر بالطبع المذبحة البشعة التي قتل فيها الإرهابيون أكثر من 300 مصلٍ في برية الروضة بوسط سيناء. كما أن بعض قادة وزعماء القبال السيناوية دفعوا حياتهم ثمناً لأنهم تجاسروا وتصدوا للإرهابيين.

نتحدث اليوم عن هذه التكلفة التي ذكرها الرئيس عبدالفتاح السيسى، ولكن بعد أن تم دحر الإرهاب وتوجيه ضربة شبه قاضية له، وعودة الحياة الطبيعية إلى هذه المنطقة الغالية من أرض الوطن.

وخلال حضوري إفطار الأسرة المصرية يوم الثلاثاء الماضي، سمعت الرئيس السيسي يقول إنه سيتم قريباً إعلان سيناء خالية من الإرهاب، ولكن بعد أن يتم تطهير المنطقة من العبوات الناسفة التي زرعها الإرهابيون.

المصريون تمكنوا من هزيمة الإرهاب بثمن كبير، لكنه يهون كثيراً مقارنة بدول أخرى لم تتمكن حتى الآن من اقتلاع هذا الإرهاب الأسود، بل صار يهدد وجود دول بأكملها.

كل التحية لأرواح شهداء الوطن ومصابيه الذين لولاهم ما كان هذا الانتصار الكبير على الإرهاب والإرهابيين.

ونتمنى أن تتمكن بقية الدول المنكوبة بهذا الإرهاب من سرعة الإعلان بالانتصار عليه قريباً.

 

* رئيس تحرير صحيفة الشروق المصرية

Email