تعيش ليبيا انقساماً سياسياً خطيراً، يهدد مسار بناء الدولة، في ظل مناكفات ومناوشات ومزايدات، مع دخول عبد الحميد الدبيبة وفتحي باشاغا، في صراع داخلي، وكل طرف لديه داعموه المحليون والدوليون، ما أدى إلى إضعاف وضرب الهوية الوطنية الجامعة.

ولا شك أن هذا الصراع، الذي ليس بجديد في الساحة السياسية في ليبيا، يعد انعكاساً لأزمة الثقة القائمة بين أطراف النزاع السياسي، وغياب ثقافة التعايش السلمي والتداول السلمي على السلطة.

ازدواجية مؤسساتية، وانقسام جيوسياسي، هو العنوان الرئيس للوضع الحالي في ليبيا، الذي يشهد احتقاناً مزمناً، ينذر بفوضى عارمة، ما لم يتم ترسيخ العقيدة الوطنية، ونبذ العقائد السياسية والعقائد الاجتماعية، بتقديم تنازلات من كل طرف، لتجنيب البلاد المزيد من الأخطار، علماً بأن أغلب العواصف التي غيبت ليبيا، هي قائمة على أساس حكومات غير متجانسة..

ولا شك أن الفشل هو مصير كل الحوارات المرتقبة حول الانتخابات في ليبيا، ما لم يتم تحقيق بيئة سلام داخلي، حيث إن المرحلة الراهنة، تتطلب نظرة وطنية خالصة وجدية، تسهم في تماسك المجتمع، وتسعى إلى ترسيخ قوة الدولة، لذلك، لا يمكن لأحد الطرفين أن ينفرد بأي طرح، إلا بالدفع نحو استعادة وحدة وقوة كل مؤسسات الدولة الليبية.

وغني عن القول، إن بلاد عمر المختار، اجتازت المراحل الأصعب والأخطر، بهزيمة مشروع تفتيت الدولة، وتجنيب البلاد ويلات الحرب الأهلية، لذلك، فلا بد من عدم تضييع هذه الإنجازات، والرجوع إلى الوراء، الوقت ينفذ، والفرص تتقلص، لذلك، من الضروري البحث عن صيغة لمجتمع العيش المشترك، والابتعاد عن المحاصصات، التي لم تجلب لهذا البلد إلا الفوضى، وجعلت كل القضايا التي تبدو سلسة، متشابكة ومعقدة، في ظل الشروط التعجيزية.