الطريق الى نظام عالمي جديد

ت + ت - الحجم الطبيعي

خاطئ من يعتقد ان الصراع الذي يظهر اليوم في المشهد الاوكراني هو مواجهة فقط بين موسكو وكييف بل هو في الحقيقة صراع على النفوذ بين الدول الكبرى، حيث تتهم روسيا حلف الناتو ووراءه أمريكا بالتمدد في جوارها لإضعافها، وكبح صعودها على المستوى الدولي بمحاولة عرقلتها وتكبيلها بالعقوبات، فيما تتخوف واشنطن من فقدانها السيطرة الاحادية على العالم وعلى مكتسباتها المحققة في ظل تصاعد النفود الروسي، لذلك فان الصراع ستترتب على نتائجه وجهة العالم و النظالم العالمي الجديد. 

رؤساء الإدارات الأمريكية كافة صرحوا بأن بلادهم وجدت من أجل قيادة العالم عبر نظام عالمي يتلائم مع سياستها ويخصع لمفاهيم وثقافة المجتمعات الغربية وحدها، بحيث يراهنون على نظام عالمي مستدام لا يتغير مهما كانت الظروف، فهم يعدون أنفسهم بأنهم أول من تبنى شعار العولمة، التي تعني فرض نموذج القطب الواحد في كل شيء، لكننا نشهد موجة أخرى من التحديات التي يواجههاالنظام الحالي من خلال ديناميات العولمة المتسارعة التي ولدت مطالب جديدة من أجل حكم عالمي أكثر فعالية يعترف بالمعطيات الجديدة بوجود قوى كبرى أخرى اقتصاديا وسياسيا وعسكريا وبشريا وتجاريا بمقدورها أن تغير الكثير من الحقائق ومجريات الأحداث على الصعيد العالمي مثل الصين وروسيا وتجعل النظام العالمي متعدد الاقطاب.

نحن اليوم امام واقع جديد لا مفر منه وهو نشوء نظام عالمي جديد وتشكل قوى فاعلة جديدة وانسحاب أخرى، الغرب سيطر على المشهد العالمي لفترة طويلة ولا يتخيل أن شخصا ما يمكن أن ينافسه، لكن روسيا كسرت هذا النمط ووجهت من خلال العملية العسكرية في اوكرانيا تحذير صارخ للدول التي كانت في السابق جزءاً من كتلة الاتحاد السوفياتي من التداعيات المحتملة لتقربها من الغرب على حساب أمن روسيا، كنا ان الأزمة الأوكرانية كشفت نقاط ضعف كبيرة في التنسيق وعدم قدرة الدول على الاستغناء عن النفط والغاز الروسي. 

ولا شك ان النظام العالمي الذي يقوده الغرب يعاني من عيوب خطيرة في ظل الميل إلى الاهتمام أكثر بالمصالح الذاتية ومحاولة كبح اي منافس، فيما تتصدر الصين وروسيا المشهد برؤى مغايرة، وهذه المعطيات تبشر بملامح صعود وعودة للشرق على حساب تراجع القوة الغربية، لذلك فلا مجال لاصلاح او ترميم النظام العالمي في ظلغياب رؤية واضحة، وقدحان الوقت لولادة نظام عالمي جديد اكثر انصافا وعدلا، ولا بديل سوى تزاوج الغرب والشرق، من دون أي هيمنة أو سيطرة.

Email