أهداف مستقبلية لدولة الإمارات

ت + ت - الحجم الطبيعي

مع افتتاح متحف المستقبل في دبي تكون الإمارات قد حققت جزءاً من أهدافها المستقبلية. فالإمارات من الدول التي وضعت للمستقبل أجندة خاصة ضمن سياساتها التنموية. فالاستعداد الجيد للمستقبل وما قد يحمله من تحديات يتطلب دراسة الأوضاع الحالية وتطورها المستقبلي واحتمالية ظهور أي تأثيرات جانبية سواء أكانت إيجابية أم سلبية. فرسم السياسات المستقبلية لا يأتي من فراغ، بل من تصور حقيقي لما سوف تؤول إليه الأمور في المستقبل.

 وتدرك الدولة جيداً أنه سوف ينتج عن تلك التصورات المستقبلية ظهور بعض القضايا المهمة التي تحتاج إلى انتباه سريع وإلى تناول بطريقة علمية ممنهجة حتى لا تتحول إلى عوائق تنموية في المستقبل. فمثلاً، لا يمكن التغاضي عن المتغيرات الحضارية التي طرأت على أنماط حياتنا المستجدة بكل ما تحمله تلك الأنماط من ضغوط وتحولات لها تبعات صحية، واقتصادية، واجتماعية، ونفسية. فخلق مجتمع صحي ومنتج وسعيد قادر على التفاعل الجيد مع محيطه الاجتماعي هو لب استراتيجية الدولة. فمن دون ذلك المجتمع لا يمكن رسم السياسات الاقتصادية والتنموية الأخرى. ومن التأثيرات التي قد تترك آثاراً على المجتمع لسنوات مقبلة هي تأثيرات الجائحة وما تركته من آثار على المجتمع.

فرغم التعامل معها بنجاح لافت إلا أن هناك تأثيرات مستقبلية قد تظهر ويجب علينا الاستعداد من الآن للتعامل معها بكل احترافية وبطريقة علمية ممنهجة. أحد أهم القضايا التي على الإمارات التعامل معها بحذر هي المتغيرات الحضارية التي طالت الذهنية الإماراتية وخصوصاً الجيل الجديد. فقد دخلت أنماط حياتية جديدة وأصبح هناك فجوة بين الأجيال، حيث أصبح لكل جيل ذهنية وعقلية مختلفة تمام الاختلاف عن الآخر.

وعلى الرغم من أن هذه القضية لا تختص بها الإمارات وحدها حيث إنها قضية عالمية، إلا أنها في الإمارات تأخذ بعداً آخر. ففي الإمارات يفخر الجيل القديم بأنه استطاع التعاطي بحكمة مع المتغيرات الحضارية التي وفدت إلى المنطقة بعد انفتاحها على العالم بعد الاستقلال. فقد استطاع المحافظة على إرث الأقدمين وفي الوقت نفسه التماشي مع متطلبات المرحلة التاريخية التي دخلها المجتمع بكل حذر وحكمة.

 ولكن هذا الشيء لا ينطبق على بعض أفراد الجيل الجديد الذي انغمس بكل ثقله ينهل من مفردات الحضارة الغربية ومن روافدها الحضارية والثقافية المتعددة. ولا شك أن الثقافات الوافدة تحفل بالعديد من التأثيرات التي لا تتناسب مع تقاليد ذهنية وقيم المجتمع. هذه القضية لا شك تثير بعض القلق خصوصاً بين الأكاديميين والمتابعين للشأن الاجتماعي ويجب أن تكتسب بعداً كبيراً في رسم استراتيجية المستقبل. فخلق مجتمع متماسك قادر على التعاطي مع كل فئاته هو هدف من أهداف الدولة للخمسين عاماً المقبلة.

ما حدث للعالم في الآونة الأخيرة من وباء عم العالم لا شك ترك تأثيراته الكبيرة على كل مجتمعات العالم، ولم تكن الإمارات في منأى عما حدث. فقد تركت الجائحة آثاراً طويلة المدى على اقتصادات الدول وعلى طرائق تفكيرها وطريقة التعاطي معها. فقد أخذت الصحة حيزاً كبيراً من اهتمام صناع القرار. فخلق مجتمع صحي أصبح في حد ذاته هدفاً مستقبلياً من أهداف الدولة. فأصبحت الصحة هي القاطرة التي تقود المجتمع، وأصبح الاستثمار في القدرات الصحية وتجهيز بنية طبية قوية من متطلبات التنمية المستقبلية.

الاهتمام بالعلوم المتقدمة واقتصاد المعرفة والاستدامة البيئية هو من أهم أهداف الخمسين عاماً المقبلة لدولة الإمارات. فمن دون التقدم العلمي ووضع أجندة علمية معرفية تواكب تطلعات الدولة وشعبها، لن يكون هناك استعداد جيد للمستقبل. لذا وضعت الدولة أجندة خاصة لعلوم الفضاء وتدريب الكوادر المواطنة لتأهيلها لحمل ذلك العبء المستقبلي. اختيار العناصر الشابة القادرة على مواصلة المسيرة هو من ضمن أجندة الدولة وهدف مهم لها للانضمام إلى نادي الدول المتقدمة.

لقد أثبتت الإمارات من خلال استراتيجياتها وسياساتها أنها دولة تولي المستقبل أهمية خاصة وتعمل جاهدة بالتعاون مع أشقائها وحلفائها، على ضمان خلق عالم صحي قوي خالٍ من كل أشكال التميز وقادر على العيش بتناغم مع جواره. فمن دون التناغم والتعاون العالمي لن تستطيع أي دولة أن تعيش في فقاعة من صنعها.

 

 

Email