حماية الأرض.. هدف استراتيجي للإمارات

ت + ت - الحجم الطبيعي

النظر إلى المستقبل، والعمل وفق مسؤولية إنسانية تتجاوز المصالح الوطنية إلى المحافظة على كامل كوكب الأرض كانت ولا تزال عنوان ومنهج ورؤية دولة الإمارات العربية المتحدة منذ التأسيس على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وتحولت الإمارات خلال الفترة الماضية إلى «محور التفاعلات» الإقليمية والدولية في التحول نحو الاقتصاد الأخضر والطاقة الجديدة والمتجددة، وأصبحت النجاحات التي حققتها الإمارات نموذجاً تتهافت عليه جميع الدول للعمل به والاستفادة منه، وسوف تشهد الإمارات في الفترة من 28 و29 مارس القادم حضور الكثير من قادة ورموز العالم في «منتدى الطاقة العالمي» بحسب ما قاله راندي بيل كبير مديري مركز الطاقة العالمي التابع للمجلس الأطلسي.

هذه الاجتماعات وغيرها تعكس كيف تحولت الإمارات إلى «حجر الزاوية» و«رأس الحربة» و«نموذج النماذج» في الجهود الدولية للحفاظ على الكوكب والتحوّل نحو الاقتصاد الأخضر، فهي أول دولة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تعلن أنها سوف تصل «للحياد الكربوني» عام 2050، وأن نموذجها التنموي سوف يراعي هذا الهدف، حيث ستعمل جميع المؤسسات كفريق واحد لتحقيقه، وستستثمر أكثر من 600 مليار درهم (163 مليار دولار) في الطاقة النظيفة والمتجددة حتى ذلك العام.

كما أن الإمارات هي أول دولة في المنطقة توقّع على اتفاقية باريس للمناخ، وذلك عام 2015. وتسعى الاتفاقية لتخفيض حرارة الأرض 1.5 درجة مئوية بحلول 2030.

وتحتضن أبوظبي منذ يونيو 2009 المقر الدائم للوكالة الدولية للطاقة المتجددة «آيرينا»، كما انضمت الإمارات عام 2005 إلى بروتوكول كيوتو الملحق باتفاقية الأمم المتحدة للمناخ، وفق ما أفاد به الموقع الرسمي لوزارة الخارجية والتعاون الدولي الإماراتية، فكيف تعزز المؤتمرات والاجتماعات التي تنظمها دولة الإمارات من الجهود الدولية نحو التحول إلى الاقتصاد الأخضر والطاقة النظيفة؟

مكان ومكانة

عندما يجري الحديث عن الحفاظ على الكوكب يكون للإمارات مكان ومكانة خاصة، لأن قيادتها الرشيدة سجلت منذ عقود طويلة استنارة سياسية كبيرة بالاهتمام بالبيئة والكوكب قبل سنوات عدة من الصيحة الحالية حول مخاطر زيادة حرارة الأرض، وارتبطت جميع مراحل التنمية في الإمارات بمفهوم التنمية المستدامة الذي يراعي الشروط البيئية قبل كل شيء. وكان المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، أول زعيم في المنطقة يطلق رؤية متكاملة للحفاظ على البيئة عندما أطلق عام 1969 خطة «التشجير»، بالإضافة إلى تأسيس أول غابة صناعية في مدينة زايد بمنطقة الظفرة. ومنذ ذلك التاريخ استمر التوسع في سياسات التشجير، حيث وصلت مساحته إلى نحو 360 ألفاً و124 هكتاراً في 2004، وهو ما يعادل 5.35% من المساحة الإجمالية لدولة الإمارات.

هذه الخبرة الطويلة أسهمت في طرح مقاربة مختلفة حول المناخ من جانب الإمارات، فغالبية الخطابات التي تتعلق بالتحول نحو الاقتصاد الأخضر الصديق للبيئة ينطلق من رؤية هذا الأمر كتحد كبير، لكن الإمارات تنظر للأمر باعتباره فرصة مثالية للحفاظ على الأرض من ناحية، وتحقيق مكاسب اقتصادية وجذب الاستثمارات الخضراء من ناحية أخرى عبر التوسع في اقتصاديات المعرفة وجذب الكفاءات المتميزة.

رفع الكفاءة

من يراجع استراتيجية الإمارات في مجال تنوع مصادر الطاقة يتأكد له أنها تلامس عنان السماء، فهي تهدف إلى رفع كفاءة الاستهلاك الفردي والمؤسسي بنسبة 40%، ورفع مساهمة الطاقة النظيفة في إجمالي مزيج الطاقة المنتجة في ربوع الإمارات إلى 50% منها 44% طاقة متجددة و6% طاقة نووية، وتحقيق توفير يعادل 700 مليار درهم حتى عام 2050، وخفض الانبعاث الكربوني من عملية إنتاج الكهرباء بنسبة 70% خلال العقود الثلاثة المقبلة. ولم يقتصر هذا الجهد الإماراتي على الداخل الوطني بل أسهمت الدولة في تعزيز التحول نحو الطاقة النظيفة، وتقديم حلول تتوافق مع الطاقة المتجددة في 70 دولة حول العالم باستثمارات بلغت 16.8 مليار دولار، بحسب البوابة الرسمية لحكومة الإمارات.

وليس هذا فقط، فأكبر محطات إنتاج الطاقة الشمسية توجد في الإمارات، مثلاً مشروع الظفرة للطاقة الشمسية الذي زاره المبعوث الأمريكي للمناخ جون كيري في 3 أبريل الماضي يوفر 2 غيغاواط من الطاقة الشمسية النظيفة، بحسب بيان لمكتب جون كيري، كما أن محطة «نور أبوظبي» التي جرى افتتاحها في يونيو 2019 توفر 1.177 غيغاواط بتكلفة تصل إلى 3.2 مليارات درهم، وهو مشروع مشترك بين حكومة أبوظبي وائتلاف يضم شركة ماروبيني اليابانية وشركة جينكو سولار القابضة الصينية.

المؤكد أن الحيوية والكفاءة التي تتمتع بها الإمارات في أنواع الطاقة الجديدة والمتجددة دفعت نحو 200 دولة إلى الموافقة على طلب الإمارات لاستضافة أرفع مؤتمر حول مستقبل الأرض «كوب 28» في عام 2023، والذي يتزامن مع عضوية الإمارات في المجلس العالمي لحقوق الإنسان، وعضوية الإمارات في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وكلها مؤشرات تكشف وتؤكد أن سياسات الإمارات صديقة للبشر والحجر، وداعمة للإنسان والبيئة، ولكل من يدب على كوكب الأرض.

Email