كيف يقيم القرشي في مناطق القاعدة؟!

ت + ت - الحجم الطبيعي

ما الذي يعنيه اغتيال زعيم تنظيم داعش أبو إبراهيم الهاشمي القرشي في قرية أطمة بريف حلب، على يد القوات الأمريكية؟!

هذه القرية التي تقع شمال غرب سوريا يفترض أنها بيئة معادية جداً لزعيم تنظيم داعش، لأنها تقع تحت سيطرة تنظيم «هيئة تحرير الشام» أو «النصرة» أو «القاعدة»، والأخيرة يفترض أيضاً أنها العدو الرئيسي لـ«داعش» طبقاً لما نسمعه من قادتها.

المكان الذي قتل فيه القرشي لا يبعد أكثر من 15 كيلو متراً، عن المكان الذي قتل فيه زعيم تنظيم داعش السابق أبوبكر البغدادي في عام 2019، وهو أيضاً كان خاضعاً لهيمنة «القاعدة».

تفسير أهالي المنطقة لإقامة القرشي في هذا المكان هو أنه لن يشك أحد في وجوده في منطقة تكثر فيها حواجز وكمائن وسيطرة العديد من التنظيمات والأجهزة الأجنبية، وكذلك وجود العديد من الجنسيات في هذه المنطقة سواء كلاجئين أو مقاتلين أو في منظمات دولية، وبالتالي سوف يضمن عدم بحث أعدائه عنه في هذا المكان.

المعروف أن عملية إنزال وحدة كوماندوز أمريكية جرت يوم الخميس قبل الماضي في هذه القرية أدت إلى مقتل 11 شخصاً بينهم القرشي وزوجته وأطفال وأحد مساعدي زعيم «داعش». هناك روايات تقول إن القرشي فجر حزاماً ناسفاً كان يلفه حول نفسه، حينما اقترب منه الأمريكيون الذين استخدموا 7 طائرات ما بين مروحيات واستطلاع ومقاتلات.

وهناك تقديرات بأن هجوم تنظيم داعش على سجن كان يضم أعضاء بالتنظيم في الحسكة شمال شرق البلاد وفرار بعض سجناء «داعش»، قد يكون أدى إلى معلومات قادت إلى المكان الذي كان يقيم فيه القرشي.

والحكومة العراقية تقول إنها قدمت معلومات قادت إلى مكان القرشي، خصوصاً بعد الهجوم الذي شنه تنظيم داعش أيضاً داخل الأراضي العراقية بالتزامن مع الهجوم على سجن الحسكة.

التقارير بشأن الحادث كثيرة ومتشابكة ولا يمكن لأحد أن يجزم بصحة إحداها، لكن السؤال المنطقي الذي يردده البعض هو: هل يعقل أن يكون القرشي مقيماً في منطقة تخضع لسيطرة تنظيم القاعدة من دون علمها؟!

للإجابة عن هذا السؤال هناك وجهة نظر لها جانب كبير من المنطق، وتقول إنه ورغم الخلاف العلني بين «القاعدة» و«داعش»، أو بين أي تنظيمين متطرفين، إلا أن الفوارق بين هذه التنظيمات قليلة جداً، وفي لحظات الخطر فإن هذه التنظيمات تتقارب وتتحالف ضد ما تعتقد أنه «العدو الرئيسي المشترك».

وبالتالي فإن الاستنتاج من وراء هذه العملية هو أن «القاعدة» كان يعلم بوجود القرشي في هذا المكان، وبالتالي سمح له بالاستمرار، وإذا صح ذلك فإن المعلومة تكون قد وصلت إلى أجهزة الاستخبارات لدول مجاورة، وبالتالي احتمال وصولها إلى الأجهزة الأمريكية أمر محتمل إلى حد كبير.

الاحتمال الآخر، أن الولايات المتحدة كانت تعلم بوجود القرشي منذ فترة طويلة، وأنها تركته إلى «يوم معلوم»، وأن هذا اليوم حان، حينما شن تنظيم داعش هجمات متزامنة في سوريا والعراق ومناطق أخرى بالمنطقة، والأهم أن الرئيس الأمريكي جو بايدن وإدارته كانوا يريدون نصراً معنوياً يبعث بأكثر من رسالة لمن يهمه الأمر، سواء أن واشنطن تحارب وتطارد «داعش»، وأنها لن تترك المنطقة بصورة كاملة، كما يروج البعض، وأنها قادرة على الوصول لقادة «داعش» في أي وقت.

أما المعنى الأخير لهذه العملية فهو أنها سوف تشوش على تسريبات تقول إن واشنطن تستخدم «داعش» وغيره من التنظيمات المتطرفة كدمى لإزعاج أو ابتزاز من تريد في المنطقة العربية.

 

* رئيس تحرير صحيفة الشروق المصرية

Email