تجارة «الإخوان» البائسة

ت + ت - الحجم الطبيعي

وأخيراً وصلت جماعة الإخوان إلى نقطة الحقيقة وهي أنها لا تملك فعلياً إلا الشماتة بموت خصومها، والتصيد للحكومات التي تعارضها، ومحاولة الانتقام من كل خصومها.ما الذي يجعلنا نقول ذلك؟!

يوم العاشر من يناير الماضي تُوفي الإعلامي المعروف وائل الإبراشي متأثراً بإصابة طويلة بفيروس كورونا، أدى إلى تليف الرئتين، وبعد الوفاة مباشرة ولأيام متوالية شنت أبواق جماعة الإخوان وأنصارها وكوادرها والمتعاطفين معها حملة شماتة غير مسبوقة على الإعلامي الراحل، لا تتناسب بالمرة مع روح الإسلام وسماحته، الذي تتمسح به الجماعة ليل نهار.

وفي نهاية يناير الماضي تُوفي الكاتب الصحفي الكبير ياسر رزق رئيس مجلس إدارة مؤسسة أخبار اليوم السابق، وتكرر الأمر نفسه معه من قبل أبواق الجماعة الإرهابية.

السؤال ما الذي يعنيه كل ذلك؟!

هو يعني ضمن أشياء كثيرة أن الجماعة لم تعد تملك شيئاً تقدمه للمجتمعات، التي تعيش فيها إلا الشماتة بموت خصومها، وتصيد أخطاء من هنا وهناك للحكومات التي تعارضها.

هذا الاستخلاص ليس تجنياً على الجماعة، ولكنه رصد أمين لسياساتها ومواقفها، منذ أن تمكن الشعب المصري من طردها من الحكم عقب ثورة 30 يونيو 2013.

قد تسارع الجماعة وتقول إنها لم تصدر بياناً رسمياً بالشماتة بوفاة الإبراشي ورزق، ولكن حينما يكون معظم أنصارها وكوادرها والمتعاطفين معها والمحسوبين عليها بهذه الدرجة من الشماتة، فهم تعبير أصيل عن حالة الجماعة ككل.

وصرنا نعرف أن الجماعة كانت ولا تزال ماهرة في الظهور بأكثر من وجه، من قبل أن تكون متشددة ومتطرفة، حينما يكون خطابها باللغة العربية، وموجهاً إلى جماهير داخلية، ويتحول هذا الخطاب إلى متسامح وليبرالي ومنفتح حينما يكون باللغة الإنجليزية وموجهاً للغرب ورأيه العام وحكوماته ومنظماته المدنية المختلفة.

كثير من البسطاء صدقوا بعض كلام ودعايات الإخوان قبل عام 2011. وقتها كانت هذه الجماعة ترفع شعارات عمومية عنوانها «الإسلام هو الحل» من دون أن تقدم أي برامج وسياسات محددة للتعامل مع الواقع الصعب، الذي تعيشه معظم البلدان العربية. كانت هذه الجماعة تتحدث عن «اقتصاد إسلامي» من دون أن تشرح للناس ما هذا الاقتصاد وطبيعته؟ وهل هناك اقتصادات أخرى مسيحية ويهودية وهندوسية وبوذية؟!

حينما تمكنت الجماعة من الوجود والتأثير ثم الحكم في مصر بعد 20 يناير 2011 وحتى إسقاطها، لم تقدم شيئاً مختلفاً، بل مجرد شعارات عامة وعبارات فضفاضة، وساءت الخدمات في عهدها حتى إن الكهرباء كانت دائمة الانقطاع والشوارع تمتلئ بالقمامة، وكل همها إرضاء الغرب.

خرجت الجماعة من الحكم، فاكتشفنا أن بضاعتها الوحيدة تصيد كلمات وعبارات من الحكومات التي تعارضها من دون أن تقدم أي برامج حقيقية بديلة، وأن البضاعة الوحيدة الحقيقية، التي تملكها هي الشماتة والتربص والتصيد، والإشاعات والأكاذيب وتشويه سمعة معارضيها، وصولاً إلى بضاعتها الأساسية وهي العنف والعمليات الإرهابية، التي برعت فيها من تأسيسها عام 1928 وحتى الآن.

حينما انكشف المستور، تمرد العديد من أعضاء الإخوان الشباب على قياداتهم، بعد أن اكتشفوا أنهم غارقون في الفساد، بل سرقة أموال التبرعات، وهو ما عرفناه بعد صراع جناحي محمود حسين في تركيا، وإبراهيم منير في لندن، ثم في ما قاله القيادي الإخواني الأردني ليث الشبيلات إنهم فاسدون وإنهم يعبدون التنظيم على حساب الدين، أو ما عرفناه من أمر إخوان تونس، بعد أن أخرجهم الرئيس قيس سعيد من الحكم، أو بعد الهزيمة المذلة التي تلقاها إخوان المغرب، وجعلتهم يخرجون من الحكومة إلى المركز السابع في الانتخابات الأخيرة، أما إخوان ليبيا فقد برعوا فقط في الميليشيات والنهب وتهديد معارضيهم.

قد يسجل التاريخ أن ما حدث في ما سمي ثورات الربيع العربي لم يكن كله سوءاً كما يعتقد كثيرون، على الأقل اكتشف غالبية العرب والمسلمين حقيقة هذه الجماعة.

* رئيس تحرير صحيفة «الشروق» المصرية

 

Email