مديرك الذي يظن أنه دائماً على صواب

ت + ت - الحجم الطبيعي
 
ثلاثة تساؤلات يتم طرحها من خلال توظيف إيجابي لمجموعة منتقاة من أدوات الاستفهام، السؤال الأول: لماذا يظن بعض المديرين أنهم دائماً على صواب؟ والسؤال الثاني: ماذا سيكون تأثير هذا النمط من المديرين في معنويات وسلوكيات الموظفين؟ ثم يأتي السؤال الثالث: كيف يتعامل الموظف مع مدير من هذا النمط؟ نعتقد أن محاولة الإجابة عن هذه الأسئلة، يمكن أن تسهم في تنبيه شاغلي المراكز الإشرافية إلى عدم واقعية الظن بأنهم على صواب دائم، وفي الوقت ذاته توضيح النتائج التي قد تتولد عن ممارسة سلوكيات ترتبط بهذا الظن، مع طرح أفكار يمكن للموظف أن يستفيد منها في حال العمل تحت مظلة مدير يظن أنه دائماً على صواب. 
 
البداية ستكون مع الإجابة عن السؤال الأول، إذ يمكننا تحديد 3 اعتقادات أساسية تجعل بعض المديرين يفترضون بأنهم دائماً على صواب: 
 
1. اعتقاد المدير بأنه يعرف حقيقة الأمور كاملةً من دون نقصان؛ الأمر الذي يدفعه إلى رفع شعار مفاده: أفكاري صحيحة، لا تحتمل الخطأ، وأفكار الآخرين خاطئة، لا تحتمل الصواب. 
 
2. اعتقاد المدير بأن التجارب الشخصية التي خاضها خلال مسيرته الحياتية، قابلة للتعميم، بصرف النظر عن متغيرات الزمان والمكان، مع إمكانية تعلم الأجيال اللاحقة من نتائج تلك التجارب.
 
3. اعتقاد المدير بأن الإقرار العلني بعدم صحة أفكاره، سيؤدي إلى اهتزاز صورته أمام الآخرين؛ الأمر الذي يدفعه إلى عدم الاعتراف بخطأ توجهاته، حتى وإن كان مقتنعاً في داخله بخطئها. 
 
فيما يتعلق بالإجابة عن السؤال الثاني، يمكننا تحديد 3 نتائج، تعبر عن تأثير هذا النمط من المديرين في معنويات وسلوكيات الموظفين: 
 
1. قيام الموظفين بالرجوع إلى مديرهم في كل صغيرة وكبيرة، ومن يخالف التعليمات يتعرض للمحاسبة والمساءلة؛ لقيام هذا النمط من المديرين بجمع صلاحيات اتخاذ القرارات بين يديه، مع عدم الإيمان بمبدأ التفويض. 
 
2. عدم تمكّن الموظفين من تطوير قدراتهم الوظيفية ومهاراتهم المهنية، على اعتبار أنهم يمارسون نشاطاتهم بتوجيهات حصرية من قبل المدير، وبالتالي يصبح أداؤهم ذا صبغة آلية وروتينية متكررة، بعيدة عن روح الإبداع والابتكار في العمل. 
 
3. إضعاف روح الولاء والانتماء في نفوس الموظفين، وهذه تعد نتيجة طبيعية لمصادرة حرية التفكير التي يعانيها الموظفون بسبب عملهم تحت مظلة مدير لا يؤمن إلا بأفكاره الخاصة. 
 
عند الانتقال للإجابة عن السؤال الثالث، نود طرح 3 مقترحات يمكن للموظف الاستفادة منها في التعامل مع المدير الذي يظن أنه دائماً على صواب:
 
1. اجتهد في تعميق جسور التواصل الإيجابي مع مديرك؛ عسى أن تنجح في تغيير بعض قناعاته الشخصية. 
 
2. قم بأداء واجباتك بمستوى عالٍ من الإتقان، مع الالتزام بتطبيق نظم وسياسات العمل. هذا المدخل قد تكون له انعكاسات محمودة على علاقتك بمديرك، الأمر الذي قد يؤدي لاحقاً إلى توسيع دائرة صلاحياتك ومسؤولياتك. 
 
3. في حال عدم قدرتك على إحداث تغيير إيجابي في علاقتك مع المدير الذي يظن أنه دائماً على صواب، ينبغي عليك ألا تيأس، واصنع من رفضك لواقعك الوظيفي وقوداً يدفعك للاجتهاد من أجل إيجاد بديل وظيفي أفضل. 
 
ختاماً نود توجيه رسالة إلى المدير الذي يظن أنه دائماً على صواب: تحرر من الإعجاب المطلق بأفكارك الخاصة، وتنازل عن جزء من قناعاتك لمصلحة الاقتراب من أفكار وقناعات موظفيك؛ لأنك بهم تحقق أهدافك، وهم بدعمك يسيرون في الاتجاه المحقق لمصلحة الجميع.
Email