الرئيس بايدن في عام

ت + ت - الحجم الطبيعي

هل نكون مخطئين إذا قلنا إن سياسة الرئيس الأمريكي جو بايدين الخارجية في الشرق الأوسط مستمرة في تجاهل أهمية هذه المنطقة ذات الأهمية الكبرى في إدارة العلاقات الدولية، وهل نبالغ إذا قلنا إن تأثير سياسة الرئيس الأسبق باراك أوباما عندما كان بايدن نائباً له ما زالت قائمة؟

أعتقد أنه من حقنا كأبناء لهذه المنطقة، الذين يرتبطون بعلاقات استراتيجية مع الولايات المتحدة، بعد مرور سنة من تقلد الرئيس بايدن رئاسة أمريكا أن نطرح مثل هذه التساؤلات، وقد يكون صحيحاً أن الكثير من السياسات، التي نراها كانت متوقعة من منطلق أن التحول الكبير في علاقة أمريكا بالشرق الأوسط كان خلال فترة إدارة أوباما، ويومها عرفت سياسته بـ(الأوبامية) لكن لم يكن متوقعاً أن يحدث بنفس النهج والتكرار، وكأن أوباما لا يزال يدير السياسة الخارجية الأمريكية، رغم مرور خمس سنوات على مغادرته البيت الأبيض.

لن أختلف مع الذين يعتقدون أن الإخفاق الأبرز والمشين للسياسة الخارجية لإدارة بايدن، تمثلت في الانسحاب المفاجئ من أفغانستان بعد مرور عقدين من الزمن من الحرب، حيث جيشت فيه العالم كله، من أجل تثبيت الاستقرار فيه، ولكنها انسحبت وسلمت السلطة لخصومها السياسيين فيه مع حالة من الذهول وعدم الفهم من كل المراقبين في العالم وحتى من حلفائها الغربيين، الذين شاركوا معها في المهمة.

حجب هول صدمة الانسحاب الأمريكي من كابول أنظار المراقبين عن الكثير من الملفات الأخرى التي سجلت فيها إدارة بادين فشلاً، وهي عدم قدرة إدارته وضع حد لطموحات إيران النووية من خلال المفاوضات، التي تحدث في فيينا، التي ما زالت تواجه عراقيل، وكذلك عدم رغبتها في العمل بجدية في إيقاف مغامرات الميليشيات المنتشرة في المنطقة سواء في لبنان أو اليمن أو العراق، بل إن قرار الانسحاب من العراق نهاية هذا الشهر لا يشير فقط إلى تكرار خطأ أوباما بانسحابه من العراق عام 2014 وكانت سبباً في ظهور «داعش»، بل يؤكد أن بايدن يعمل وكأنه لا يزال نائباً لأوباما أو أنه جاء لتكملة مشروعه بعزل الولايات المتحدة عن المنطقة.

ورغم أن تعيينات بايدين لإدارته أعطت مؤشراً بتغير مضمون السياسة الخارجية الأمريكية تجاه المنطقة خاصة في منصبي وزارة الخارجية وفي ملفات منطقة الشرق الأوسط، إلا أن اللافت في الأمر أن معدل التراجع والتغيير، وهو في أقل من عام رغم أن مثل هذه الأشياء عادة تكون في الفترة الثانية للرئيس الأمريكي، وهو ما يبعث برسالة قلق مسكونة بغضب والعتاب وصلت إلى حلفاء الولايات المتحدة ودفعتهم إلى التفكير في إعادة ترتيب علاقاتها الدولية.

قياس السياسة الخارجية الأمريكية بما كان يحدث مع إدارة أوباما مع أن بعض سياسات إدارة الرئيس دونالد ترامب لم تكن مختلفة مرده أن سياسات أوباما نماذج للتغير الكبير في علاقة الولايات المتحدة بالمنطقة، الأمر الذي يفسر أنها كانت مرحلة جديدة في علاقاتنا مع واشنطن خاصة في ناحية دعم مثيري الفوضى في المنطقة، كما هو حال تنظيم الإخوان المسلمين الإرهابي، وهو ما يدفعنا كمراقبين للعلاقات الأمريكية- بالشرق الأوسط إلى القول: إن تلك المرحلة كانت معياراً بثبات واستقرار السياسة الأمريكية، ومؤشراً لتغير هذه السياسة وعدم الثقة فيها بشكل كامل.

على كل مع انتهاء العام الأول من رئاسة بايدن، أصبحت الولايات المتحدة تعج بالكثير من المواقف غير الواضحة في ملفاتها الخارجية حتى مع حلفائها، من خلال إصرارها على فرض بعض القيم، التي تتوافق مع ثقافاتنا أو أنها تعمل على دعم بعض الأفكار المهددة لاستقرار المجتمعات الأخرى، ما يؤكد أن بايدن لا يزال يعيش «في جلباب» أوباما.

 

* كاتب إماراتي

Email