دار النشر والكاتب.. العلاقة المرتبكة

ت + ت - الحجم الطبيعي

تشكّل منظومة الطباعة والنشر في العالم، أحد أهم المكونات الرئيسية في صناعة الكتاب، الذي يعدُّ بمثابة البوابة المعرفية لصناعة الثقافة، بمعناها الواسع، لذلك، فإن هذه المنظومة تحظى بالكثير من الاهتمام والتركيز في خطط التنمية الشاملة التي تضعها الدول، من أجل تقدم مجتمعاتها، ومستقبل أجيالها. فهل قطاع الطباعة والنشر في المنطقة العربية، على أهميته، خالٍ من العلل والمشكلات؟

 لا يُعتقد، إذ أن المعطيات والتقارير كلها، تشير إلى أن هذا القطاع يعاني من المشكلات والارتباكات، التي جرت إلى معمعتها، مكوناً آخر، مهماً وأساسياً، هو الكاتب.

إن هنالك العديد من الكتاب، في الخليج والمنطقة العربية، من لهم اسماءهم، ومؤلفاتهم في سوق الكتاب، وحضورهم في أهم المعارض الدولية للكتاب، كمعرض الشارقة للكتاب، ومعرض أبوظبي، ومعارض القاهرة ومسقط وبيروت، وفرانكفورت بألمانيا، وغيرها. وفي الوقت نفسه، لهم تجاربهم المريرة مع دور الطباعة والنشر، سواء المحلية - الخليجية منها أو العربية، على حد سواء، لكنهم يخصون بالذكر، قسماً كبيراً من دور النشر اللبنانية، التي تعرّف إليها الكتّاب في منطقة الخليج، مذ كانت صناعة الكتاب في بيروت، في أوجها، في السبعينيات، قبيل الحرب الأهلية اللبنانية عام 1975، حيث تدهورت عقبها الأمور، واستحالت عودة بيروت إلى فترتها الذهبية.

إن الدور اللبنانية، ومعها الخليجية، تعاني من مشكلات وارتباكات، خصوصاً في تعاملها مع الكتّاب، على اختلاف منتجهم، رغم صعوبة المقارنة بين الدور اللبنانية والخليجية، لحداثة تجربة الأخيرة في الدخول إلى هذه الصناعة الحيوية، مما قد يشفع لها ارتباكها.

وعلى سبيل المثال، يرىَ الكثير من الكتّاب، أن منظومة النشر في منطقة الخليج، أخذت عن اللبنانية، الطرق والأساليب ذاتها، في التعامل مع الكتّاب ومؤلفاتهم، إلى حد أن العقود التي تبرم بينها وبينهم، هي العقود اللبنانية نفسها، نسخة طبق الأصل، من دون تغيير أو تبديل، باستثناء الاسم والشعار.

فضلا عن المفاجآت الصادمة للكاتب والقارئ على حد سواء، تلك التي تحدث لها، من دون أية مقدمات، أو علامات دالّة، فبعضها ما أن تنطلق حتى تنتكس بعد فترة قصيرة، ثم تتوقف.

إن التعميم، أحياناً كثيرة، ليس من الحكمة، لكن هنالك قضيةً كبيرة، ومتشعبة، في منظومة النشر الخليجية والعربية، لها علاقة بالثقة، التي تحتاج إلى إعادة بناء من جديد بين الطرفين: الكاتب والناشر. هي قضية (عويصة) قد تحتاج إلى تدخلات جديّة، ربما من جهات عليا ذات اختصاص ”تُعينُ وتعاون“ هذه المنظومة على أن التعافي، وإعادة صياغة ما يشبه (ميثاق الشرف) في سوق صناعة الكتاب، تلتزم به الأطراف كلها.

وبالمناسبة، ليس أدل على أن هنالك ارتباكات نوعية، في منظومة النشر العربية، مما قالته الشيخة بدور القاسمي، رئيس الاتحاد الدولي للناشرين، في آخر اجتماع لها مع الناشرين المحليين والعرب، حيث شددت على أنه (يجب إعادة النظر في نماذج النشر المتبعة حالياً، والاهتمام بحرية النشر، وحماية الملكية الفكرية، حيث أن هذه العوامل، هي التي ترتقي بمنظومة النشر، وتؤهل للانتساب إلى الاتحاد الدولي للناشرين). كما أهابت بالناشرين الأعضاء، الحرص على الاستفادة من الدورات وورش العمل التي تنظمها اكاديمية الاتحاد الدولي للناشرين، عبر شبكة الانترنت، لاستفادة قطاع النشر في المنطقة العربية، ولمواكبته صناعة النشر عالمياً.

 

* إعلامي وكاتب صحفي

Email