ليبيا بعد 24 ديسمبر

ت + ت - الحجم الطبيعي

رغم أنه لم يتبق إلا أيام قليلة قبل إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقرر لها في 24 ديسمبر الجاري، تعيش الأطراف الليبية حالة من «عدم اليقين» السياسي نتيجة لمخاوف وعراقيل وتحديات كثيرة تتعلق بتشكيك ما يسمى «المجلس الأعلى للدولة» في الجوانب القانونية والأسس الدستورية التي ستجرى الانتخابات على أساسها، وهو ما جعل المفوضية العليا للانتخابات، حتى كتابة هذه السطور، غير قادرة على الإعلان عن القائمة النهائية لأسماء المرشحين للمنصب الرئاسي.

حيث يتهم كل طرف الأطراف الأخرى بأنها غير مؤهلة وعليها علامات كثيرة تمنعها من تولي منصب الرئاسة الليبية، كما أن عدم خروج المرتزقة والإرهابيين من ليبيا يجعل هؤلاء بمثابة «بندقية للإيجار» يمكن توظيفها في الانتخابات لصالح طرف ضد باقي الأطراف.

فما هي السيناريوهات المحتملة للمشهد الليبي؟ وكيف يمكن البناء على لقاء سرت الذي جمع بين عبد الرازق الناظوري، المكلف بمهام القائد العام من قبل المشير خليفة حفتر، ومحمد الحداد رئيس أركان الجيش التابع لحكومة الوحدة الوطنية؟.

كتلة وطنية

المؤكد أن اجتماع قادة القوات المسلّحة من الشرق والغرب في مدينة سرت يشكل ليس فقط رؤية عسكرية نحو توحيد المؤسسة العسكرية الليبية التي نجحت لجنة 5 + 5 في تحقيق نتائج كبيرة خلال اجتماعاتها الأخيرة في القاهرة واسطنبول.

بل يدفع نحو بناء «كتلة وطنية» تدعمها المؤسسة العسكرية من الجانبين لتشكل «ضغطاً مشروعاً» على الجميع للالتزام باستحقاقات خارطة الطريق، وهو ما يساعد على ظهور الضوء في نهاية النفق نحو الدفع النهائي للتخلص من الميليشيات والمرتزقة، لأن هذا التقارب بين قيادة القوات المسلحة يقول إن المرتزقة لم يعد لهم دور في ليبيا بعد الآن.

وهنا يأتي الدور على الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بالبناء على هذه التطورات الهامة من أجل بلورة «خطة عملية» تمنع توظيف أو استغلال هذه الميليشيات في الانتخابات القادمة، والتحضير لإخراجهم بلا رجعة من الساحة الليبية.

مقاربة جديدة

تعكس المطالب الدولية والإقليمية ومن دول الجوار بضرورة إجراء الانتخابات الليبية في موعدها قلق الجميع من عدم إجراء الانتخابات في الموعد المقرر، فالجميع يعلم حالة «السيولة السياسية» التي تعيشها ليبيا منذ 17 فبراير 2011، وحتى الآن، كما أن الهدوء الحالي لا يعبر بالضرورة عن «سلام» حقيقي بين الفرقاء الليبيين.

وقد يقود عدم قدرة المفوضية الليبية للانتخابات على إعلان القائمة النهائية لأسماء المرشحين، بالإضافة لعدم قدرتها على الحصول على «ضمانات أمنية» إلى تعطيل الانتخابات، وهو سيناريو غير مستبعد، لكن السيناريو الثاني هو أن يذهب الجميع إلى الانتخابات بقناعاته الحالية.

وإذا لم ينجح في الفوز بالانتخابات الرئاسية يعود إلى نفس القناعات التي تزعم بأن إجراء الانتخابات في هذا التوقيت، وفي ظل عدم وجود دستور لا يمكن أن تعبر عن إرادة الشعب الليبي، لكن السيناريو الأخطر هو أن يتعامل البعض مع نتائج الصندوق بالسلاح ومحاولة فرض الأمر الواقع بقوة السلاح، فجميع الأطراف في الجنوب والغرب والشرق ما زالت تحتفظ بسلاحها.

الواضح أن ليبيا في مفترق طرق، وأن الانتخابات إذا جرت سوف تكون محطة رئيسية وهامة، لكن المؤكد أيضاً أن العناصر الفاعلة في هذا المشهد الذي يسبق الانتخابات سوف تكون موجودة بصورة أو بأخرى بعد الانتخابات، وهي مرحلة تحتاج جهداً خاصاً و«مقاربة سياسية جديدة».

Email