مواكبة الفرسان للفارس والتحدي الأصعب للقيادة

ت + ت - الحجم الطبيعي

تحديات كثيرة تواجه القائد في عمله، ولكن ما هو التحدي الأصعب والأكثر تعقيداً؟ هذا ما سيتم مناقشته من خلال هذا المقال. يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في الفصل الخامس من كتاب «رؤيتي: التحديات في سباق التميز»، والذي يحمل عنوان «القرار وفريق العمل»: «كثيرون سألوني ما هو أصعب شيء واجهته خلال عملية التنمية على مدى العشرين سنة الماضية، لذا سأستغل وجودنا معاً في صفحات هذا الكتاب لأكشفه أخيراً: إنه إبلاغ المعلومة إلى المعنيين بعملية التنمية لكي يفهموا بالضبط ما الذي أريده. إنه التأكد من أن العاملين معي يعرفون ما هي رؤيتي بالتحديد، وما الذي أريد من كل واحد منهم القيام به لتحقيق أهدافها، والتعرف جيداً على طريقها ووضوح كل مرحلة من مراحل الطريق في أذهانهم لكي لا نحيد عن الرؤية ونضل الطريق إلى أهدافها».

الإجابة التي يتفضل بطرحها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، تثبت أن مسألة التواصل بين القائد وأتباعه تتمتع بأولوية لا يمكن إغفالها، مع أهمية التمييز بين الاتصال والتواصل. الاتصال يعتمد على وجود طرفين، أحدهما مرسل والآخر مستقبل. يقوم المرسل بإيصال رسالة معينة إلى المستقبل، من دون أن يحصل المرسل على رد فعل من المستقبل. أي أن الاتصال في هذه الحالة يكون أحادي الاتجاه (One Way Communication). أما فيما يتعلق بالتواصل، فإن المرسل يقوم بإيصال رسالة معينة إلى المستقبل، ثم يقوم المستقبل بإيصال رد فعله إلى المرسل. أي أن التواصل في هذه الحالة يكون ثنائي الاتجاه (Two Way Communication). يتضح من ذلك، إن ممارسة العمل القيادي والإشرافي يجب أن يعتمد على التوظيف الإيجابي لمفهوم التواصل وليس الاتصال. 

في موضع آخر من كتاب «رؤيتي: التحديات في سباق التميز»، وهذه المرة في الفصل الثاني، والذي يحمل عنوان «الرؤية»، نجد أن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، يؤكد على أهمية حشد الطاقات، بما يدعم إجابة سموه عن السؤال الافتتاحي للمقال. يقول سموه: «التحدي الأكبر الذي يواجه القائد هو دفع جميع المعنيين بتنفيذ رؤية معينة في اتجاه تحقيق هذا الهدف المشترك وحشد كل الجهود والطاقات لتحقيق نجاحها».

نستنتج من ذلك أن مبدأ التكاتف والاندماج بين القائد وأتباعه، يعد من الأمور الأساسية لأداء الأعمال والمهمات على أكمل وجه؛ وصولاً إلى تحقيق الأهداف المرغوبة، وإنجاز الغايات المقصودة، مع ضرورة مراعاة القائد لمبدأ الدقة في اختيار أعضاء فريقه. في هذا المقام يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، ضمن الفصل الثاني من كتاب «رؤيتي: التحديات في سباق التميز»، المشار إليه آنفاً: «إن اختيار الفريق من المتميزين والناجحين والمبدعين والمتحلين بروح المبادرة لتنفيذ رؤية معينة هو من أقصر الطرق إلى النجاح».

هناك سؤال مهم آخر ينبغي طرحه في سياق هذا المقال: هل الأتباع أو الموظفون الذين يحتاجهم القائد، يكونون عادةً بمواصفات ثابتة وموحدة، أم إن هذا الأمر يعتمد على طبيعة النشاطات المطلوبة، وما يرتبط بظروف العمل والمستجدات البيئية المحيطة ؟ هذا السؤال يمكننا إيجاد إجابة عنه ضمن صفحات الفصل الخامس من كتاب «رؤيتي: التحديات في سباق التميز»، والذي تمت الإشارة إليه في مطلع المقال. إذ يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم: «المشاة ليسوا كالخيّالة. إذا كانت وتيرة التنمية بطيئة والأهداف عادية والطريق قصيرة فالمشاة يمكن أن يكونوا جيشاً مناسباً، لكننا نريد أن نسابق الناس في مضمار التنمية الدولي ولا يمكن أن نحقق الفوز بالمشاة. نريد كوكبة من فرسان التنمية لكي يواكبوا الفارس الذي يقودهم وإعداد هؤلاء يتطلب وقتاً طويلاً وجهداً وصبر الوالد على ولده وتشجيعه وتهذيبه إلى أن يتمكنوا من مجاراته».

ختاماً نقول.. إن ممارسة القيادة أمرٌ ليس باليسير، لذلك ينبغي على القائد أن يكون على مستوى عالٍ من التمكّن والتمكين للآخرين، مع أهمية اجتهاده في نشر وتعميم الطاقة الإيجابية في محيط العمل، وبين أعضاء فريقه. بهذا الشأن يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم: «إن ممارسة القيادة صعبة، لكنني أستمتع بعملي وأتأكد دائماً من استمتاع فريقي بعمله لأن من لا يستمتع بعمله لا ينتج».

Email