تحتفل دولة الإمارات العربية المتحدة بعد أيام قليلة بمرور خمسة عقود على تأسيسها في الثاني من ديسمبر عام 1971، وهي مناسبة ينتظرها الجميع داخل الإمارات وخارجها، لأنها ستمثل محطة فاصلة في تاريخ الدولة، ونقطة انطلاقها نحو الخمسين عاماً المقبلة، التي تسعى قيادتنا الرشيدة، حفظها الله، خلالها إلى تحقيق هدفها الطموح بأن تكون دولة الإمارات رقم واحد في جميع المؤشرات التنموية والحضارية على مستوى العالم كله.
احتفال هذا العام هو احتفال بحصيلة نصف قرن من الإنجازات العظيمة، وغير المسبوقة، التي حققتها دولة الإمارات، والتي نقلتها من دولة صحراوية بدائية إلى دولة نموذج في جميع المجالات الاقتصادية والتنموية والحضارية في منطقتها والعالم كله، وقصة نجاح ملهمة لكثير من الدول والشعوب. وحصيلة هذه الإنجازات أصعب من أن يتم حصرها في بضعة أسطر، وتحتاج لمجلدات لمعرفة تفاصيلها، لكن الواضح والأكيد هو أن من يقف خلفها هو وجود القيادة الرشيدة الواعية، التي تملك الحكمة في التعامل مع تطورات الأحداث، والرؤية المستقبلية، التي تستند إلى تخطيط علمي سليم، والإرادة والإصرار على تحقيق الطموحات وعدم الاعتراف بالمستحيل أو الوقوف عند التحديات مهما كانت صعبة.
لقد وضع المغفور له، بإذن الله، تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وإخوانه حكام الإمارات قبل خمسين عاماً الأسس، التي تأسست عليها دولة الإمارات، وانطلقت منها نحو تحقيق معجزتها التنموية، ومن أهمها الإيمان بوحدة المصير، الذي تجسده دولة الاتحاد، وترسيخ قيم التسامح والعطاء وقبول الآخر والولاء والانتماء كثقافة مجتمعية، يؤمن بها الجميع. وهذه المنظومة القيمية الإنسانية النبيلة هي التي ضمنت لدولة الإمارات الأساس الصلب، لتحقيق منجزاتها الوطنية في المجالات كافة، فالمجتمع المتسامح والمتضامن والمحب لوطنه والملتف حول قيادته هو الضمانة الوحيدة والحقيقية لأي تقدم أو نهوض، وهذا كان ديدن الإمارات على الدوام.
واليوم تنطلق قيادتنا الرشيدة من الأسس ذاتها للتأسيس للخمسين عاماً المقبلة بذات الهمة والعزيمة والإصرار، التي تحلى بها الآباء المؤسسون، لتحقيق هدفها الطموح، ووضع الإمارات في المركز الأول عالمياً في جميع المؤشرات التنافسية والتنموية، وفي سبيل ذلك جاء الإعلان عن وثيقة «مبادئ الخمسين»، التي وجه بها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، واعتمدها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آلِ نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة في سبتمبر الماضي، لتكون بمثابة خريطة الطريق، التي تحدد المسار الاستراتيجي، الذي ستسلكه الدولة لتحقيق رؤيتها المستقبلية الطموحة بحلول العام 2071.
ولا ننسى بطبيعة الحال ونحن نحتفل بعيد الاتحاد الخمسين وبمسيرة إنجازاتنا في نصف قرن، تضحيات شهدائنا الأبرار، الذين قدموا أرواحهم الطاهرة الذكية فداء لهذا الوطن المعطاء، فهؤلاء هم جزء أصيل في الملحمة الوطنية، التي سطرها أبناء الإمارات لتحقيق عزة وطنهم ورفعة شأنه، وهم مخلدون في ذاكرة ووجدان كل إماراتي، وستظل تضحياتهم تمثل مشاعل النور، التي تضئ لنا وللأجيال القادمة طريق الرفعة والتقدم، فتحية إجلال وإكبار لأرواح هؤلاء الشهداء الأبرار الذين سنحتفي أيضاً بيومهم، يوم الشهيد، الذي يوافق الثلاثين من نوفمبر من كل عام.
ولا يسعنا في هذه المناسبة الوطنية العزيزة على قلب كل مواطن ومقيم على هذه الأرض الطيبة إلا أن نرفع أسمى آيات التهاني والتبريكات إلى قيادتنا الرشيدة، حفظها الله، سائلين المولى- عز وجل- أن يحفظ هذا الوطن العزيز المعطاء تحت قيادتنا الرشيدة، وأن يبارك خطواته نحو طريق الرفعة والتقدم والازدهار في الخمسين عاماً المقبلة.
* كاتبة إماراتية