وفي الإمارات طاب المستقر والمقام

ت + ت - الحجم الطبيعي

في دولة اللامستحيل يتحول الحلم إلى حقيقة في غضون سويعات قليلة. لا شيء من البيروقراطية المعروفة يعوق تنفيذ الحلم، ولا شيء من الصعوبة يقف في وجه ذاك الحلم متى ما أراد صاحبه أن يحوله إلى حقيقة. هذا ما يقوله الجميع عن أرض الفرص والتحديات، الإمارات التي تسير إلى وجهتها المرسومة بدقة وثقة وتفاؤل بأن القادم أجمل وبأن المستقبل للحالمين والراغبين في العمل والإبداع.

وقد حبا الله الإمارات بقيادة ديناميكية عرفت كيف تضع الخطط الطموحة والمشاريع المستقبلية وكيف توظف كل الظروف لتخلق من الحلم حقيقة يستفيد منها كل من يعيش على أرض الإمارات. أدركت الإمارات مبكراً وضعها الإقليمي وأشركت جميع من يعيش على أرضها في عملية التحول المجتمعي. ولم لا، والإمارات التي عرفت منذ القدم بأنها أرض الفرص والتحديات، قد رحبت بالجميع لكي يعيشوا على أرضها ويساهموا معها في رسم خارطة طريق للمستقبل. فمنذ أن خاض الأجداد البحر وأهواله باحثين عن اللؤلؤ كانوا في واقع أمرهم في تحد مع البحر للبحث عن فرص أفضل للحياة. وفي هذا الحال لم يكن أجدادنا لوحدهم. فقد انضم إليهم كل حالم بفرصة حياة أفضل وكل راغب في تحسين حياته. فمن الساحل الشرقي للخليج انضم لهم في بدايات القرن العشرين تجار مهرة أدركوا بأنهم موعودون في هذه المنطقة بحياة مستقرة ورغيدة وبفرص عمل مغرية. ومن الساحل الشرقي لأفريقيا انضم لهم الكثير من المهاجرين الذين عملوا مع الأجداد في حرفة الغوص كغواصين أو صيادين ونهامة ذوي أصوات شجية، ومن شبه القارة الهندية انضم لهم كل من كان يحلم بحياة أفضل في ظل ظروف مجتمعية منفتحة تميزت بالتسامح والتعايش السلمي. ومن وسط هذا المزيج البشرى غير المتناغم وهذا التعايش السلمي الرائع تحققت أحلام الكثيرين وأصبحت الإمارات لهم مستقراً وطابت مقاماً.

وما إن استقلت دولة الإمارات وتحققت أحلامها الكبيرة حتى غدت قبلة للراغبين والحالمين بحياة أفضل. فهي تسير نحو وجهتها بثقة وتفاؤل كبيرين يذهلان أنظار العالم. فمن الخطط الطموحة إلى مشاريع البنية التحتية المتميزة وصولاً إلى المراتب العالية في المؤشرات الدولية، أصبحت الإمارات الأنموذج الأكثر ثراء في المنطقة العربية. ولكن شيئاً واحداً لم يتغير أبداً. ظلت الإمارات دوماً وأبداً تلك الأرض المضياف التي تفتح ذراعيها لجميع الأطياف للمشاركة في عملية التنمية؛ ظلت الإمارات تلك الأرض المرحبة بكل حالم وراغب في عيش أفضل، ولذا فقد تأقلمت مع التغير، ولكنها لم تتماه فيه.

إن الإمارات اليوم من المجتمعات الفريدة سكانياً وتنموياً، وهي تمثل حالة فريدة في العالم. فالتغير الذي أحدثه القادمون إليها هو تغيير مجتمعي مؤثر. فالقادمون إليها يعدون شريحة سكانية مهمة وغير مهمشة وحقوقهم القانونية محفوظة ولهم العديد من الامتيازات المجتمعية. وقد احترمت الإمارات هذه الفئات المجتمعية ليس فقط لأنها أتت لتستثمر في البلد، ولكن لأنها شريك قوي في عملية التنمية. ولا يمكن للدولة أن تضع أي خطة مستقبلية دون الأخذ في الاعتبار هذه الفئات السكانية وتأثير تلك الخطط والاستراتيجيات عليها.

لقد حزمت الإمارات أمرها حين قررت أن الانفتاح على العالم هو طريقها نحو المستقبل وهو قدرها الأكيد، وبحكم هذا القدر فقد أصبحت الإمارات فعليا ًوطناً للجميع. وعاشت وترعرعت فيها أجيال عديدة يحسبها البعض غير منتمية لهذا البلد، ولكنها في حقيقة الحال لم تعرف وطناً غيره. إن الإمارات عندما تعتمد اليوم أنظمة الهجرة والإقامة إنما تضع في اعتبارها مصلحة الجميع. ولتعزيز الشعور بالاستقرار والأمان الاجتماعي فقد أطلقت الدولة مساراً للإقامات الأمر الذي يمثل نقلة نوعية في تاريخ الدولة. فهدف من أهداف هذه الإقامات ليس فقط جذب واستقطاب المواهب والكفاءات، ولكن لتعزيز الشعور بالأمان ودعم الاستقرار الأسري لكافة الفئات. فإتاحة خيارات متنوعة من الإقامات يعزز مكانة الإمارات كمركز اقتصادي مهم ويدعم سوق العمل ويعزز جاذبيته. إن دولة الإمارات وهي تحتفل اليوم بالذكرى الخمسين لتأسيسها إنما تحتفل بنجاح تجربة إنسانية ثرية، تجربة تضافرت فيها جهود جميع الأطياف لجعلها أنموذجاً ملهماً للتجارب الإنسانية الناجحة. وهي بالتالي تحقق غاية من غايات مشاريع «الخمسين».

 

* جامعة الإمارات

Email