«عين دبي»: دروس مستفادة في مجال القيادة

ت + ت - الحجم الطبيعي

«عين دبي»، أكبر وأعلى عجلة مشاهدة في العالم، تم افتتاحها في أكتوبر الماضي، وهي تمثل طريقة جديدة لاكتشاف مدينة دبي على ارتفاع 250 متراً. تتمتع عين دبي بمجموعة كبيرة من التجارب المميزة، مع إطلالات فريدة من نوعها على معالم المدينة الرائعة من مقصورات مكيفة، ذات تصاميم هندسية مبهرة. 

كيف يمكن توظيف «عين دبي» لتطوير ممارسات القيادة في المؤسسات المختلفة ؟ هذا هو السؤال الذي سنجتهد في الإجابة عنه من خلال هذا المقال. بالإمكان الاستفادة من هذا المشروع المميز لتوجيه 3 رسائل إلى المديرين، وذلك بأسلوب يحاكي الحركة الدائرية لعجلة «عين دبي»، والتي تجعل المقصورات الزجاجية للعجلة تقترب من سطح الأرض تارة، وتبتعد عنه تارةً أخرى. 

عزيزي المدير، نرجو منك التفكير الجاد في الرسائل المتضمنة في النقاط التي سيتم ذكرها، ومحاولة تطبيقها في بيئة العمل، وذلك على النحو الآتي:

أولاً: تعامل مع مكتبك بوصفه مقصورة قيادة زجاجية، تستطيع من خلاله أن ترى المؤسسة، بحيث تكون مطلعاً على مجريات الأمور فيها. من المهم ألا تكون منفصلاً عن واقع مؤسستك؛ لأن هذا الانفصال سيجعلك بعيداً عن واقع العمل، وبالتالي لن تتمكن من إدراك حقيقة المواقف والتحديات التي يواجهها الموظفون والعاملون أثناء تأديتهم لمهامهم وواجباتهم الوظيفية. المدير الناجح لا يحصر نفسه في مكتبه، ولا يعتمد فقط على تقارير المتابعة التي ترد إليه من قبل الوحدات الرقابية المتخصصة، بل يعتمد في الوقت ذاته على الملاحظة الشخصية والتقدير الذاتي للأمور، ويتفاعل مع المواقف بمستوى عالٍ من الانفتاح والشفافية. 

ثانياً: ارتق، وانظر إلى مؤسستك عن بعد؛ كي ترى الصورة الكلية والكبيرة للمؤسسة. بهذه الطريقة سوف تتمكن من رؤية الأبعاد العامة التي تتشكل منها مؤسستك، وسوف تلاحظ في الوقت ذاته العوامل والتحديات الخارجية المختلفة التي تؤثر في أعمال ونشاطات المؤسسة، والمتولدة عن طيف واسع من المتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتقنية والطبيعية والقانونية. كما ستكون لديك القدرة على معرفة فرص التطوير المتاحة في البيئة الخارجية؛ الأمر الذي سيمكنك لاحقاً من توظيف تلك الفرص بالشكل الذي يحقق رضا جميع الأطراف المعبرة عن أصحاب المصلحة. 

ثالثاً: اقترب من الموظفين، وانظر إلى مؤسستك عن كثب. كن في الميدان؛ كي تتمكن من رؤية تفاصيل العمل الدقيقة على طبيعتها الحقيقية. ناقش موظفيك، واندمج معهم، واستمع إليهم، واجعلهم في الوقت ذاته يستمعون إليك. دعهم يتعلمون من خبراتك، ولا بأس أن تتعلم منهم، فقد تكون هناك بعض الجوانب التشغيلية التي تجهلها أنت ويعرفونها هم. وتذكر دائماً بأن العلاقة التي تربطك بهم، هي علاقة تكاملية، وليست تعويضية. أي أنك والموظفين طرفان، لا يستطيع أحدكما الاستغناء عن الآخر. 

إن التطبيق المتزن والموضوعي لما ورد في النقاط الثلاث السابقة، سيجعل المدير قائداً ملماً بالأبعاد العامة لمؤسسته من جهة، مع القدرة على تشخيص التفاصيل الصغيرة من جهةٍ أخرى. في الوقت ذاته سيكون محترماً ومحبوباً من قبل الموظفين المسؤول عنهم، الذين سيشعرون بأن لديهم قائداً منفتحاً عليهم، ومستوعباً لمشاكلهم. قائداً يمتلك القدرة على دعمهم وتحفيزهم وتشجيعهم؛ وصولاً إلى تمكينهم من إخراج أفضل ما لديهم من طاقات وجدارات. هذا السلوك القيادي سيجعل الموظفين يحبون مديرهم بدلاً من شعورهم بالخوف منه، وشتان بين من يحكم ويدير الآخرين بمنطق الخوف، ومن يملك قلوب الناس بمنطق الحب والعاطفة. في هذا الشأن نود أن نستشهد بما يقوله صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، في كتاب «ومضات من حكمة: أقوال وحكم مختارة لمحمد بن راشد آل مكتوم»: من السهل أن تحكم الناس بالخوف، ولكن قلة نادرة من الزعماء الذين استطاعوا أن يحكموا الناس بالحب.

Email