زايد بن سلطان آل نهيان رجل دولة وقائد أمة

ت + ت - الحجم الطبيعي

يصادف هذا الشهر رحيل أحد كبار قادة العرب، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة، الذي كان بجانب مؤهلاته الشخصية كونه قائد أمة، رجل دولة يقف في الصف الأمامي لرجال الدول في تاريخ العرب، وتاريخ الشخصيات القيادية منها.

وقد برزت هذه الشخصية القيادية أوّل ما برزت واضحة وجليَّة، في واحة العين وما جاورها من المناطق، عندما تولّى أمرها الشيخ زايد بن سلطان، طيب الله ثراه، نائباً لحاكم أبوظبي وتوابعها عام 1946، وكانت العين يومئذ قرية صغيرة، تتوسط الصحراء الممتدة حتى الربع الخالي شرقاً وجنوباً، وتنحصر الزراعة فيها على النخيل، ويتخذها الكثيرون من أهل الساحل وخصوصاً أهالي أبوظبي مقيظاً ومصيفاً طوال أشهر الصيف، نظراً للطقس الجاف، ووجود المياه العذبة، وأشجار النخيل المثمرة في هذه الواحات.

بادرة خيرة

وكان تولّي الشيخ زايد بن سلطان، رحمه الله، زمام الأمور، كما قلنا، في هذه الواحات بادرة خير لها، وأدَّى ذلك إلى البدء في تعميرها وتغييرها إلى مدينة عامرة بالسكان والعمران، وتشجَّع الكثيرون من أهل الإمارات والواحات المجاورة إلى القدوم واتخاذ العين مقرّاً لسكنهم وأعمالهم، ومَن رأى هذه البقاع في الخمسينيات وعاصرها في الستينيات من القرن العشرين، يشهد على ما وصلت إليه مدينة العين وضواحيها من عمران واتّساع، وبُنَى تحتية قليلة المثيل في أماكن أخرى.

ولهذا القائد المؤسس الجليل، يرجع الفضل الأول في تكوين أول قوة عسكرية أمنية في الإمارات، تُعرَف اليوم بجيش الإمارات العربية المتحدة، أو القوات المسلحة، وكان ذلك في العام 1951، حيث تأسست لإنقاذ الواحات من التعرّض للاضطرابات الأمنية، التي كانت تتعرض لها هذه الواحات بين آونة وأخرى، واستطاع الشيخ زايد بن سلطان، طيب الله ثراه، بحنكته وبُعد نظره، أن يُكوّن من شباب البدو جنوداً، ينخرطون في القوة الأمنية، ويتدربون تدريباً حديثاً كونهم نواة لجيش وطني، وذلك لأول مرة في تاريخ المنطقة كما ذكرنا آنفاً.

نهوض

وتفجَّرت طاقة هذا القائد الفذ، الشيخ زايد بن سلطان، رحمه الله، عندما تولَّى زمام الأمور في أبوظبي عام 1966، حيث بدأ مشوار التحول والنهوض في أبوظبي شكلاً وموضوعاً، وأصبحت إمارة أبوظبي من يومها محطَّ أنظار العالم، ومحلّ اهتمامه، لِما بذله الشيخ زايد بن سلطان، من جهد في مجال التنمية والعمران.

وبالإضافة إلى ذلك؛ برز الشيخ زايد كونه قائداً ورجل دولة وسياسياً قديراً منذ العام 1968، عندما تجاوب إيجابياً مع الظرف الناشئ عن الإعلان البريطاني بالانسحاب من المنطقة، وشمَّر عن ساعد الجد لإنشاء اتحاد الدولة، ولترسيخ التقارب الخليجي، فعمل على تمهيد دروب التضامن والاتحاد بين إمارات الدولة، ومع الخليج العربي، حيث كانت إمارات الخليج العربي ترتبط بمعاهدات حماية مع بريطانيا، وكانت سياسة الملاينة والتسامح والعطاء، التي اتبعها المغفور له الشيخ زايد عاملاً أسهم مساهمة فعالة في تكوين دولة الإمارات العربية المتحدة، التي ننعم جميعاً بها كونها دولة ذات شأن بين الدول المستقلة، وذات السيادة.

وقد كتبتُ عن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان مقالات، ألقيت فيها أضواء على المراحل المختلفة، التي رافقتْ حياة هذا القائد منذ الأربعينيات من القرن الماضي وحتى وفاته، وأرجو أن أضع هذه المقالات وأجمعها في كتاب، تعميماً للفائدة.

رحم الله، الشيخ زايد بن سلطان رحمة واسعة، وحشره مع الصديقين والشهداء والصالحين.

 

Email