كيف يُساهم تواصل العقول في صُنع المستقبل؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

حاضر الأفراد والمؤسسات والمجتمعات، يُعد ناتجاً طبيعياً عن مجموعة أفعال وممارسات تم الإقدام عليها في الماضي. في السياق ذاته سيكون شكل المستقبل معتمداً على مجموعة أفعال وممارسات يتم الإقبال عليها في الوقت الحاضر. هذا الأمر يثبت كون الحاضر ثمرة الماضي، والمستقبل ثمرة الحاضر، ويؤكد في الوقت نفسه أهمية الاستفادة من تجارب الماضي في تحسين نشاطات الحاضر؛ وصولاً إلى جعل المستقبل أفضل من الحاضر بإذن الله تعالى.

من أجل تحقيق انتقال آمن وفعال نحو المستقبل، لا بد من تفعيل مفهوم صناعة المستقبل في عالم الواقع. هذه الصناعة تستلزم وجود تفاعل إيجابي بين الأفراد على مستوى المؤسسة الواحدة، وتفاعل بين المؤسسات على مستوى الدولة الواحدة، وتفاعل بين الدول على مستوى الأرض الواحدة التي تجمعنا. هذه المستويات الـ3 من التفاعل تستوجب تحقق تواصل منتج بين العقول؛ على اعتبار أن هذا التواصل يمكن الارتكاز عليه في صنع المستقبل الآتي لكل من الأفراد والمؤسسات والدول.

في الأول من شهر أكتوبر الجاري، انطلق الحدث العالمي الكبير «Expo 2020» بدبي في دولة الإمارات العربية المتحدة تحت شعار «تواصل العقول وصُنع المستقبل». هذا الشعار يتكون من مقطعين، المقطع الثاني يمثل نتيجة للمقطع الأول، والمقطع الأول سبب لتحقق المقطع الثاني. أي أن تواصل العقول يمثل الجسر الذي يمكن استثماره بهدف تحقيق النجاح في صُنع المستقبل.

كيف يُساهم تواصل عقول البشر مع بعضها في صُنع المستقبل؟ يعبر صُنع المستقبل عن عملية مركبة تتفاعل فيها العناصر والمتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتقنية والمناخية. هذا التفاعل يستوجب تعاوناً بين جميع الأطراف المعنية «الأفراد، والمؤسسات، والدول» للتعامل بشكل إيجابي مع التحديات التي تفرزها العلاقات المتداخلة بين هذه المتغيرات، وهذا التعاون لا يمكن أن يتحقق إلا إذا قام الإنسان بوضع يده بيد أخيه الإنسان؛ وصولاً إلى مشاركة المعلومات والمعارف، وتطوير القدرات والمهارات بما يصب في مصلحة الجميع. 

من المؤكد أن عملية صُنع المستقبل تستلزم مستوى عالياً من التنسيق بين جميع الدول، علماً بأن هذا التنسيق لا يمكن أن يتحقق بشكلٍ فعلي إلا إذا توافرت إرادة عالمية صادقة تستهدف توحيد الجهود والإمكانات الدولية؛ لتشخيص مشكلات الانتقال نحو المستقبل بصورة دقيقة، والعمل على صوغ حلول ناجعة لها، تسمح بجعل الآثار السلبية المتولّدة عن تلك المشكلات ضمن أدنى حدٍ ممكن. 

يُعد معرض «Expo 2020» بدبي فرصة مثالية لتواصل عقول الشعوب. هذا التواصل يوفر أرضية مشتركة لتفاعل الحضارات، وتلاقي الثقافات، وتعلّم الدول من تجارب بعضها. هذا التعلّم المتبادل يُساهم بشكل مباشر في تفعيل مفهوم المقارنات المرجعية الهادفة، إنها المقارنات التي تستهدف تطوير الممارسات وتحسين الأعمال بأسلوب حيوي ومعاصر. 

ختاماً نقول.. تواصل العقول يوفر فرصة ذهبية للتنقيب فيها عن الأفكار القيّمة والثمينة التي يمكن توظيفها في مجال تحسين الواقع، مع جعل المستقبل أكثر إشراقاً. في هذا الشأن يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، في الفصل السابع من كتاب «رؤيتي: التحديات في سباق التميز»، والذي يحمل عنوان «التنقيب في العقول»: أريد الاعتماد على البشر وأريد التنقيب في عقولهم عن الأفكار الكبيرة ومساعدتهم على تطوير مكامن هذه الثروة الكبيرة وتحويل تلك الأفكار إلى مشاريع كبيرة وفرص عمل. هل نستطيع أن نفعل ذلك؟ طبعاً نستطيع؛ ليس في الإمارات فقط بل في كل الدول العربية. هذا ليس مطلباً مهماً فقط بل أمانة في عنقي وفي أعناق الكادر الحكومي، وأمانة في عنق كل صاحب مسؤولية في الوطن العربي. لا شيء عندي أهم من البشر على الإطلاق. عندما يسألني صحافيون ما هي الميزانية المخصصة لمشروع معين فإنني أقول إن ميزانيتنا موجودة لكن ميزانيتنا الأكبر هي الشباب والشابات أصحاب الكفاءات الذين نعتمد عليهم لتنفيذ المشروع.

Email