حتّا.. وجهة القلب والوطن

ت + ت - الحجم الطبيعي

الشاعر المبدع، هو ذلك الإنسان المُرهف، القادر على خلق إحساس متفرد بالجمال، من خلال صياغة خاصة به، ربما لا يلتفت إليها غيره، وكذلك كل فنان، إنما يتميز على غيره بقدرته على خلق إحساس جمالي، يحمل بَصْمته الخاصة، وهذا الذي يقال هنا في حق الفنان المُلْهِم، يقال أيضاً في حق القائد المُلْهِم، فإذا كان يجمع بين فن القيادة وبين فنّ الشعر، فقد اكتمل حظه من الإبداع، وأصبحت نظراته نافذة في عُمق الأشياء، وقدرته على تخيل الجمال الآتي تفوق الواقع، ولعَمْرُ الحق، إنّ صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دُبيّ، رعاه الله، قد كِيل له بالمكيال الأوفى من الإحساس المرهف بالجمال، ومن القدرة المدهشة على التفكير في تغيير الواقع، الذي ربما لا يخطر في البال، إمكانات تغييره إلى واقع جديد يستحوذ على الإعجاب، وينتزع التقدير والاحترام، نظراً لما يمتاز به صاحب السموّ من عمق النظر، وسداد التفكير في مسيرته الباهرة في بناء الوطن، وتطوير دبيّ قرّة عينه، ومهوى قلبه، الذي لا يستبدل به مكاناً آخر على ظهر هذه البسيطة الوسيعة.

هذه مقدّمة في غاية التواضع والاقتصاد، قدّمنا بها للحديث عما كتبه صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد، على حسابه في إنستغرام، بخصوص الخطة الشاملة التي تمت صياغتها، وستكون موضع التنفيذ، في ما يتعلق بتطوير واحدة من أجمل مناطق الوطن السياحية، أعني مدينة (حتّا)، التي تحظى من صاحب السموّ بعناية خاصة، تمثلت في جملة من المشاريع الهامة، التي سبق لنا التوقّف عندها، والإشادة بآثارها الإيجابية على حركة السياحة الداخلية للوطن، لا سيما في الشتاء الماضي، حين طرح صاحب السمو شعار (أجمل شتاء في بلادي)، حيث دعا أبناء الوطن إلى زيارة المعالم السياحية المتميزة في بلدهم الإمارات، وكانت حتّا في طليعة المناطق التي تستحقّ أن تكون وجهة سياحية لأبناء الوطن الخيرين، الذين يعرفون قيمة دعم سياحة بلدهم، وما لذلك من الأثر الحميد في رفد اقتصاد الوطن، وتخفيف منابع الإنفاق على السياحة الخارجية، ليكون ذلك بمثابة إعادة اكتشافٍ للكنوز السياحية الرائعة في الوطن الحبيب.

في تدوينة عابقة بمشاعر الفخر بالوطن وربوعه الزاهرة، كتب صاحب السمو كلمة تحمل في طياتها أجمل مظاهر البشرى للوطن وأبنائه، حين أعلن عن إطلاق خطة تطويرية شاملة لمدينة حتّا، حيث صدّر صاحب السموّ هذه التدوينة الثمينة بقوله: «أطلقنا اليوم خطة تطويرية شاملة في حتّا، تتضمن إنشاء شاطئ سياحي وبحيرة جديدة، وأنظمة نقل خاصة بالمنحدرات الجبلية، وأطول ممشى جبلي في الإمارات، ومُنشآت فندقية، و120 كم من مسارات الدراجات الهوائية»، لتكون هذه الحزمة من الإنشاءات، هي خير دليل على الإرادة القوية على تطوير هذه المنطقة السياحية الخلّابة، والتي سبق لصاحب السموّ أن زارها أكثر من مرّة، وأصدر تعليماته بضرورة مواصلة مسيرة تطويرها، نظراً لما يترتّب على ذلك من المصالح العامة، والمنافع الاقتصادية التي تعود بالخير على الوطن والمواطن، وفي هذا اليوم، يعلن صاحب السموّ عن دفعة جديدة ومتميزة، تقع في صلب التفكير السياحي المتقدم، لتحريك عجلة السياحة الداخلية، وإنشاء مناطق سياحية ذات جاذبية عالمية، فصاحب السمو، وعلى الرغم من اهتمامه بكل ما هو إماراتي، إلا أنّ أفق تفكيره يطمح دائماً إلى العالمية، لأن توسيع رؤية المنافسة، يدعو إلى تقديم أفضل المشاريع، فجاءت خطة إنشاء شاطئ سياحي وبحيرة جديدة في منطقة حتا، نظراً لما تمتاز به الشواطئ من أهمية فائقة في الترويج السياحي، وكذلك البحيرات، حيث تحرص كثير من الدول البحرية، على إنشاء بحيرات داخلية، توفر كثيراً من مرافق السياحة، وتسهم في تنشيط الحركة السياحية، وحين ننظر في الطبيعة الجبلية لمنطقة حتّا، فسوف يكون لوجود الشاطئ والبحيرة، أعظم التأثير في رفد المنطقة بآلاف السياح، الذين يعشقون التنزه في بلدهم، وسيكون ذلك عامل جذب مؤكّد للسياح الأجانب بكلّ تأكيد، فإذا أضيف إلى ذلك أنظمة النقل الخاصة بالبيئة الجبلية، مع وجود ممشى جبلي، فقد توفر لهذه المنطقة كل معالم الجاذبية السياحية، التي ستعود بالخير والنفع على الوطن، لا سيّما مع وجود منشآت فندقية متميزة، تستوعب الحركة السياحية المأمولة، وتقدم أرقى الخدمات الفندقية، التي هي عصب النشاط السياحي، فضلاً عن وجود مسافة طولية رائعة، تبلغ مئة وعشرين كيلو متراً للدراجات الهوائية، التي هي في قمة الهوايات للسياح، في مثل هذه البيئة الجبلية النظيفة بهوائها، بحيث يمكننا القول إننا في بيئة سياحية متميزة، بكل المعايير والمقاييس العالمية، وهو ما يطمح صاحب السمو وفريقه العملي، إلى تحقيقه في أسرع وقت، وضمن أروع الخطط التنفيذية المدروسة.

ثم يتابع صاحب السموّ: «واعتمدنا لجنة دائمة للإشراف على تطوير حتّا»، ليكون هذا الاعتماد بمثابة المتابعة الحثيثة من لدن صاحب السمو، لكل ما سيجري تنفيذه في هذه المنطقة السياحية المتميزة، فوجود لجنة، يتم اختيارها ضمن معايير العمل التي يرتضيها صاحب السمو، هو الضمانة الأكيدة لمسيرة العمل، وتحقيق الإنجاز الذي هو الصورة الفعلية لنجاح كل المشاريع التي تسعى الحكومة لتنفيذها في الوقت المحدد، وعلى خير الوجوه.

ثم أفصح صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد، عن الهدف المركزي لهذا المشروع الحيوي، بقوله: «هدفنا في حتّا، بناء نموذج اقتصادي متكامل، يقوم على أبناء حتّا، ويستفيد منه أبناء حتا، ويمثل وجهة سياحية متفردة للعائلات في دولة الإمارات»، فهذه الأهداف الواضحة، هي ما يخطط له صاحب السمو وفريق عمله، فالهدف هو إحياء تلك المنطقة الجميلة، من خلال حزمة من مشاريع التطوير والتحديث، بحيث يسهم أبناء منطقة حتا، في تطوير بلدهم، ويكون العائد المالي من ذلك لصالحهم، فهم المستفيد الأول من هذه المشاريع التي تدعمها الحكومة، لا سيما إذا أصبحت حتا وجهة سياحية مفضّلة لدى أبناء الإمارات، الذين ينفقون ملايين الدراهم والدولارات على السياحة الخارجية، فإذا توفر لهم في بلدهم بيئة سياحية متطورة، تراعي خصوصياتهم، وتختصر المسافات البعيدة عليهم، فإن ذلك سيكون من أكبر العوامل المساعدة في إنعاش السياحة الداخلية، وهو ما يؤمّله صاحب السمو من أبناء وطنه الطيبين الأصلاء.

ثمّ كانت هذه الخاتمة الرائعة للتدوينة، والتي تحمل طابع البشرى، حين قال صاحب السموّ: «ونبشّر المواطنين بأن لدينا خططاً لتطوير كافة المناطق والأحياء، وقادمنا دائماً أجمل في بلادنا الأجمل، والأعلى جودة عالمياً»، لتحمل هذه الكلمات في طياتها، بشرى لكل أبناء الوطن، بأن مسيرة تطوير السياحة الداخلية، ليست مقتصرة على منطقة دون منطقة، بل هي خطة تطويرية شاملة، لجميع مناطق الوطن، الذي تقف منه القيادة على مسافة واحدة، فكلّ شبر في الإمارات، له نفس المكانة في نفوس قادة هذه البلاد، الذين تعودنا منهم النظر بعين المحبة والإنصاف لجميع أبناء الوطن، اقتداء بسيرة حميدة، سنّها بانيا الوطن، ومشيّدا نهضته، المغفور لهما، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والشيخ راشد بن سعيد، اللذان غرسا محبّة الوطن، كلّ الوطن، في قلب كل إماراتي، ولم يغادرا هذه الدنيا حتى تركا هذه القيمة الأخلاقية، أمانة في عنق كل واحد من أبناء هذا الوطن الطيب الجميل، ليكون المستقبل، كما ختم به صاحب السمو الشيخ محمّد بن راشد هذه التدوينة الرائعة، هو الأجمل في بلادنا الأجمل، التي تمتاز من بين بلاد الدنيا بهذا الحسّ الفريد بالجمال والكمال.

 

Email