الإمارات ورحلة اكتشاف «الزهرة»

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا شيء مثل المشروعات الكبرى، تُشعر الإنسان بالفخر لوطنه وقيادته. وتجعله واحدة من الأدوات المهمة لخلق قصة حب وملحمة وطنية في الدفاع عنه بكل الأدوات والوسائل، لأنها تخلق فيه الولاء والانتماء، بما يراه من المنجزات والمكتسبات.

حتى أولئك الذين يقيمون فيها أو مهتمون بما يحصل في الدولة الصانعة للحضارة، فهم أيضاً يدخلون في دوامة الحديث عن الرغبة في المشاركة في هذه المشروعات، أو الحصول على مواطنتها، لأن مثل هذه المشروعات، توسع رؤية الإنسان إلى المستقبل، وتزرع فيه الأمل، وتعطيه مجالاً لرؤية الأشياء بمنظور أكبر، وزاوية أوسع، ولا يفكر إلا في كيفية التعايش المشترك مع الآخرين، والحياة الكريمة، برغم وجود الاختلافات.

قررت دولة الإمارات، قبل نصف عقد، أن تخط لنفسها نهجاً تنموياً مختلفاً، أساسه الابتعاد عن الأفكار المؤدية إلى العجز، أو عدم القدرة على التحقيق، وفق ثقافة لا يوجد شيء اسمه المستحيل. وربط قادتها اسم الدولة بالإنجازات، وقصص النجاح، ومن هنا، تجد أن طموحاتها كبيرة، إلى درجة يعتقد البعض أن تلك الطموحات لا يمكن تحقيقها. فكما كان البرنامج النووي السلمي، وغزو الفضاء، واستضافة واحد من أضخم المعارض العالمية، التي كانت تبدو حلماً لأبناء المنطقة، فقد بدأ الحديث، الأسبوع الماضي، عن رحلة اكتشاف كوكب الزهرة. فبعد كل هذا، هل هناك حديث آخر يمكن أن يعتقده البعض أن هناك شيئاً لا يمكن تحقيقه في دولة الإمارات!!

الشعور بالوطنية متجذر في أبناء دولة الإمارات، وحب التحدي وتحقيق الإنجازات تجربة صاغها قادتها، وورثها الأبناء منذ تأسيس الاتحاد. ولم تكن هذه الدولة في يوم ما متكلة على مصدر وحيد للدخل أو العيش، أو أنها معتمدة في بناء حضارتها على الغير، لأن مؤسسي هذه الدولة، آمنوا أن الاستثمار الحقيقي في الإنسان، وتحديداً الإنسان الإماراتي، هو الثروة الحقيقية لكل قصص النجاح للأوطان. وعليه، فإن تعزيز الشعور بالوطنية، وترسيخ مفهوم المواطنة الحقيقية، يأتي عن طريق المشروعات الكبرى، التي تؤدي إلى تحقيق الأهداف الحضارية، التي تخدم الإنسانية والحياة، والشعور بالأمان في نهاية المطاف.

مسعاي من المقال، ليس سرد مجالات التنمية الشاملة في دولة الإمارات، فهذا أمر صعب، ليس فقط في مساحة مقال، ولكن حتى جردها، فهي لا تعد ولا تحصى. لكنني كنت أحاول أن أوضح منطق بناء الأوطان، وبحث سبل ربط الإنسان بحب الحياة، وعرض السبل التي تتبعها القيادات السياسية المحبة لأبناء وطنها، وللإنسانية، في جعلهم يفكرون في البناء والعيش المشترك، باعتبارها أساس كل الثقافات والأديان. لأن ما يحصل في الإمارات، من الانتقال بين المشروعات الكبرى، بعد أن أصبح التفوق هو صناعتها، يكاد يكون ضرباً من المستحيل لدى البعض، أن يخوضوا، ولو في تجربة واحدة.

الأمل، أصبح عندما تأتيك الفرصة لأن تعيش في دولة الإمارات، سواءً لأن تكون أحد أبنائها أو مقيماً فيها، هكذا لسان حال الكثيرين في العالم، دون أن يقتصر الأمر على جنسية واحدة. فلا بد أن تنال شيئاً تفتخر به في حياتك، لأن المجتمع الإماراتي بكامله، من مواطنين ووافدين، يعيشون تجربة المشاريع الكبرى والضخمة، وفي الوقت نفسه، يرتبطون بكل قصة نجاح تحدث فيها، وبالتالي، يشعرون أنهم أحد صناعها. وهي تعمل كل هذا، بعيداً عما يفكر به الآخرون، فكلما قلدوا فكرة تنموية إماراتية، جددت هي غيرها، فالخيال الواقعي واسع في الإمارات، وعملنا يعتمد على صناعة الأفكار، باعتبارها أساس كل جديد، ومن ثم تطبيقها على أرض الواقع.

بعد غزو الفضاء، واكتشاف المريخ، ومصارعة الدول الكبرى، وبعد التخطيط لاكتشاف كوكب الزهرة، تأكد للكثيرين أنه من الصعب، إن لم يكن استحالة، مواكبة الإمارات في مشروعاتها وتفكير قادتها. لأجل ذلك، على الإماراتيين والمقيمين، الشعور بالفخر والعز بقيادتهم ووطنهم.

* كاتب إماراتي

Email