الحضارة البشرية: نتقدم معاً بالتبادل والتعاون

ت + ت - الحجم الطبيعي

قبل 170 عاماً وتحديداً في عام 1851 حمل التاجر الصيني شيوي رونغ تسون المنحدر من قوانغدونغ الحرير الصيني وشارك في الدورة الأولى من «إكسبو» العالمي التي نظمت في لندن، وجعل شهرة الحرير الصيني تصدح في مختلف بقاع العالم.

لقد شق «إكسبو» العالمي تاريخ الاستفادة المتبادلة بين الحضارة البشرية وتشارك ثمار التنمية، وعرف على أنه «التجمع الأولمبي الضخم لرواد المجال الاقتصادي والعلمي والتكنولوجي والثقافي».

في عام 2010 نظمت الصين بنجاح إكسبو شنغهاي تحت عنوان «مدينة أفضل، حياة أفضل»، ولم تتأخر الصين يوماً في معانقة ثمار الحضارة البشرية المتقدمة بحماس، وانطلاقاً من عام 2018 فتحت الصين صدرها الرحب وباتت تنظم كل عام «معرض الاستيراد الدولي بالصين» وهو ما جعل إبداعات مختلف أنحاء العالم من منتجات وتكنولوجيا تزهر على أرض الصين التي يغمرها الحماس.

هذا العام يرحب العالم بإكسبو 2020 دبي، وهي المرة الأولى التي ينظم فيها «إكسبو» العالمي في منطقة الشرق الأوسط. ويتطابق عنوان «إكسبو» وهو «تواصل العقول وصنع المستقبل» مع لحن العصر المتمثل في «الاندماج» و«الإبداع»، ومن المؤكد في ظل ما نعيش من عولمة اليوم أن إكسبو دبي سيشكل حواراً رائعاً في الحضارة البشرية في العصر الجديد ومحفلاً عظيماً تجتمع فيه شعوب العالم.

وقد بين رئيس الصين شي جين بينغ في خطابه في الدورة الـ 76 للجمعية العامة للأمم المتحدة أن: «عالماً ينعم بالتنمية السلمية ينبغي أن يحمل أشكالاً مختلفة من الحضارات». ويضطلع «إكسبو» العالمي بدور الاستفادة المتبادلة بين مختلف الحضارات ويمثل منصة للتبادل بينها، فالتلاقي والاندماج العابرين للثقافات هي رسالة حمل «إكسبو» دائماً أداءها على عاتقه.

أما الإمارات وحكومة دبي اللتين تتحليان بفلسفة حكيمة تقوم على «التنوع والتسامح والتعايش» فتعملان من خلال ثلاثة عناوين كبرى هي «الفرص» «التنقل» و«الاستدامة» على جعل ثمار الحضارة البشرية تتفتق بوئام في إكسبو 2020 دبي.

ومن المؤكد أن لقاء «إكسبو» العالمي الذي يدعو للإبداع بدبي، التي تسعى للتميز، هو لقاء سيعزف فيه لحن أروع فصل في تاريخ «إكسبو».

يعد موقع إكسبو 2020 دبي نفسه ثمرة لاستخدام ما توصلت إليه البشرية من إبداع في مجال التكنولوجيا الجديدة والأفكار الجديدة، فقد استخدم مكتب إكسبو دبي تكنولوجيا عصرية رائدة وجعل البيئة الخضراء وانخفاض الكربون السمة الأبرز للدورة الحالية من «إكسبو»، وهي دورة تدعو إلى خلق حياة مستقبلية ذات بيئة خضراء، وهو ما يتطابق بشكل عفوي مع فلسفة التنمية الجديدة في الصين.

فقد أعلن الرئيس شي جين بينغ مؤخراً عن أن: «الصين ستدعم بقوة التنمية التي تقوم على الطاقة النظيفة وانخفاض الكربون في الدول النامية، ولن تشيد بعد الآن مشاريع توليد الكهرباء بالفحم في الخارج»، وهناك أفق لا حدود له لمستقبل تعاون البلدين في مجال تكنولوجيا الطاقة الجديدة وغيرها من المجالات.

لا يمكن أن ينفرد الوباء بكتابة التاريخ، ويعد التنظيم الناجح لإكسبو 2020 دبي شهادة دولية على ما أحرزته الإمارات من نصر مزدوج تجسد في إنجازات كبرى في مكافحة الوباء وتحقيق الانتعاش الاقتصادي، وهي ثمرة جديدة تحصدها الإمارات على طريق تنميتها التي تملك زمام مبادرتها بنفسها.

وسيسرع «إكسبو 2020» من وتيرة نشاط وحيوية اقتصاد دبي ويمد الإمارات بقوة دفع أكبر بوصفها محركاً للانتعاش الاقتصادي في المنطقة، ويضيء النور للاقتصاد العالمي في ظل الوباء.

وتشعر الصين بسعادة نابعة من القلب لتنظيم دولة الإمارات الصديقة للإكسبو وتدعمها بقوة. ويعد جناح الصين الواقع في منطقة «الفرص» واحداً من أول الأجنحة التي انتهت أشغالها وتم فحصها وتسليمها، وهو أحد أكبر أجنحة الدول الأجنبية في المعرض.

ويمثل إكسبو 2020 دبي دورة الإكسبو التي حظيت بأكبر مشاركة من المناطق المحلية والشركات الصينية ضمن دورات «إكسبو» التي نظمت خارج الصين، وسيعرض الكثير من المفاجآت السارة والرائعة والتي لن تخيب آمال الجمهور، وسيلقي الرئيس شي جين بينغ كلمة عبر الفيديو في مراسيم افتتاح جناح الصين في الأول من أكتوبر.

ويرمز شكل جناح الصين الذي يشبه الفانوس إلى الفرح والميمون، كما دمج أيضاً عناصر من «الاختراعات الأربعة العظيمة للصين القديمة» وقد زين الجناح موقع إكسبو دبي باللون الأحمر الصيني.

يحرك الإبداع تطور الحضارة البشرية، وثمار الإبداع هي ملك للبشرية. ولا يعني نجاح دولة ما فشلاً حتمياً لدولة أخرى، فهذا العالم يتحمل بشكل كامل النمو والتقدم المشترك لمختلف الدول.

وحين تتفتق كل الزهور يحل الربيع، ويشبه «إكسبو» العالمي بستاناً مليئاً بالزهور يعرض إنجازات مختلف الدول، ويجعل العالم يتشارك ثمار الإبداع البشري ويحقق تعظيماً لقيمة ثمار الإبداع، ومن ثم يجمع قوة أكبر لجولة جديدة من الإبداع، وهنا مكمن جاذبية «إكسبو» العالمي التي جعلته يستمر.

 

Email