ومضةُ عشق وانتماء

ت + ت - الحجم الطبيعي

حين يكون القائد فارساً وشاعراً فإنه بالضرورة سيكون عاشقاً مُلْهِماً يعبّر عن عشقه للوطن بأساليبه الخاصة القادرة على حمل ما يموج في صدره من مشاعر الحب الصادق للوطن، ومنذ أكثر من خمسين عاماً وشاعر الوطن وفارسه صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبيّ، رعاه الله، يكتب قصة عشقه للوطن بحروف خالدة من فيض القلب والوجدان، يُعبّر عن ذلك شعراً ونثراً وإنجازاً وانتماءً، وترسيخاً لمشاعر الحب الصادقة لهذه الأرض في قلوب الأجيال الطالعة مثل الزهر المتفتح، ومن أراد أن يعرف موقع هذا الوطن من قلب صاحب السموّ فما عليه إلا أن يقرأ بتذوّق مُرْهَف ما كتبه صاحب السموّ من فصول في غاية المتعة والجاذبية والإشراق في كتابه البديع الذي جاء على شكل سيرة ذاتية حملت اسم (قصتي: 50 قصة في خمسين عاماً) حول قصة اتحاد دولة الإمارات وكيف أنّ إحساسه بهذه القضية كان هاجسه الأكبر حتى تمّ تحقيق الحلم، لينخرط بعد ذلك بكل طاقته في معركة البناء والإعمار التي يعتبرها صاحب السموّ معركة الوطن الكبرى في هذا العصر الحديث.

في هذا السياق الزاهر من قصة العشق المتنامية للإمارات، نشر صاحب السموّ على حسابه في إنستغرام ومضة قيادية هي صورة مكثفة لهذه القصة الخالدة من العشق الساكن في قلب صاحب السمو للوطن، أبدع من خلالها في تقديم صورة هي الأروع لدولة الإمارات مصحوبة بصوته الواثق وبمجموعة بديعة من الصور المُرفقة التي تحكي قصة تقدم هذا الوطن وسُطوع شمسه في سماء الإنسانية بعد رحلة ليست بالطويلة مع الزمن، فخمسون عاماً في عمر الدول هو عمر قليل ولا يكاد يكفي لشدّ الأحزمة استعداداً للانطلاق، ولكن مسيرة الإمارات مع الإعمار والبناء والإنجاز المتميز هي مسيرة باهرة بكل المقاييس، وإنّ دولة ذات خمسين عاماً تستطيع استضافة العالم في جميع تجليات الذكاء الإنساني بعد أسبوع من هذا التاريخ هي دولة تعرف كيف تُدير الزمن والمال وتستثمر في الإنسان، وتحجز لنفسها مقعداً في الصف الأول بين الأمم المتحضرة.

(دولة الإمارات اسمها دولة المستقبل)، بهذه العبارة الواثقة المفتوحة على الزمن، المشرقة بالأمل افتتح صاحب السموّ تدوينته الثمينة، حيث يؤكّد على أصالة الرؤية لدى قيادة الدولة التي تراهن دائماً على المستقبل، وتستثمر معادلة الأزمنة كلها لصالح المستقبل على المستويين المادي والمعنوي، فهذه العبارة تعني أن جوهر التفكير السياسي والإداري للدولة يقوم دائماً على ضمان المستقبل من خلال الاحتياط لكل طارئ، وعدم الرضوخ لنمط واحد من أنماط التنمية أو مصدر واحد من مصادر الدخل حتى لو كان هو النفط الذي يعتبر السلعة الأولى في عالم الاقتصاد، لكنّ دولة الإمارات ومنذ أمد بعيد تمتلك رؤيتها الذاتية التي استطاعت معها تنويع مصادر الدخل القومي، وفتح منافذ كثيرة لرفد الاقتصاد الوطني، وتشكيل منطقة جاذبة للاستثمارات العالمية التي منحت الإمارات هذه المكانة العالمية التي استطاعت من خلالها وعبر مسيرتها التنموية ترسيخ فكرة مواجهة التحديات وقهر فكرة المستحيل والإيمان الدائم بأن المستقبل هو الأفضل، وقد ربط صاحب السمو دائماً بين المستقبل والتحديات، وعبر عن ذلك بكل ثقة في الفصل الثالث عشر من كتابه «رؤيتي: التحديات في سباق التميز» الذي جاء بعنوان «سباق الأمم والشعوب» حيث قال: «عندما نتحدث عن المستقبل، فنحن نتحدث عن التحديات.

طموحاتنا كبيرة ونتوقع أن تكون التحديات التي سنواجهها بحجم الطموحات، وستتوقف قدرتنا على تجاوز تلك التحديات على العمل والتخطيط والاستعداد والتفاؤل والثقة بأنفسنا وبقدراتنا، وعلى أملنا الكبير بأننا نستطيع أن نصل إلى أهدافنا».

(نحن يا إخوان كلنا في هذه الدولة نحب تراب الإمارات، وإحنا نعشق الإمارات) بهذه اللغة العاطفية المفعمة بمشاعر الدفء وعمق الانتماء يُعبّر صاحب السموّ عن الوجدان الجَمْعي لأبناء الوطن حين يتكلم باسمهم جميعاً عن مشاعر الحب الصادقة التي تتجذر في أعماق قلوبهم لهذا الشعب بجميع أطيافه، ولهذا الوطن بجميع إماراته، فكأن صاحب السموّ يريد أن يقول: إنّ كل إنجاز مهما كان حجمه هو مثل النهر الذي سيصبّ ماءه العذب الزلال في بحر الوطن، ونحن جميعاً في مركب الوطن نستمتع بخيراته، ونفتديه بأرواحنا حين يحتاج منا للبذل والعطاء، ولم يكتفِ صاحب السموّ بعاطفة الحب للتعبير عن عمق المشاعر وأصالتها بل انتقل من خلال حسه الشعري المرهف إلى درجة العشق التي هي في عُرف العُشّاق منزلة فوق منزلة الحب، فالإمارات بلد المحبة التي تستحق العشق، وليس كثيراً عليها أن تكون بهذه المنزلة السامية في قلوب أبنائها المُخلصين.

(حبنا وتعاضدنا مع بعض ؛ تقدمت الإمارات)، وهذه هي ثمرة الحب الصادق للوطن والإنسان، وهي ثمرة الغرس الطيب الذي غرسه المؤسسان الكبيران: زايد وراشد، طيّب الله ثراهما، وجزاهما عن أبناء هذا الوطن خير الجزاء، فقد قدّما النموذج الأروع في التعاضد والإيثار، وعلى هدي هذه الأخلاق الكريمة سارت دولة الإمارات بجميع إماراتها السبع التي هي على مسافة واحدة من اهتمام القيادة ومحبتها، فكان لهذا النسيج الوطني الرائع أروع النتائج التي تتجسد في هذه الدولة المتجددة الشباب والحيوية، والتي غدت النموذج الأرقى في الوحدة الوطنية، وتكاتف الأيدي والسواعد في سبيل مجد الوطن وارتفاع بنيانه، وتسريع وتيرة التقدم والإنجاز في جميع مساراته.

(دولة الإمارات ما هي دولة عالمية، ولكن العالم في دولة)، ثمّ كانت هذه الخاتمة الزاهية بنبرة الفخر بهذه الدولة الناهضة مثل نهضة الصقور، فهي ليست دولة عالمية بمعايير المساحة وعدد السكان، ولكنها الدولة التي وضع العالم ثقته فيها حين فازت بتنظيم واحد من أعرق المعارض العالمية (إكسبو 2020) والذي كان تتويجاً لمكانتها العالمية، حيث ستكون على موعد خلال أيام قليلة مع العالم حين تشترك مئة وإحدى وتسعون دولة في هذا التجمع العالمي الذي سيكون البصمة الكبرى في تاريخ الإمارات من خلال التنظيم الهائل الذي حملته على عاتقها إمارة دبيّ، وجهة العالم ومركز النشاط التجاري الذي لا يعرف السكون ولا الهدوء، وقائدة التغيير وعاشقة المغامرة والتحدي، يحدوها فارس متمرّس قد أخذ من الحياة وأخذت منه، وتفتّح قلبه منذ شبابه الباكر على حب الوطن كل الوطن، وغنّى له أجمل الأغنيات، وكتب في سبيل مجد الإمارات أروع القوافي والكلمات:

يا كاتبَ المجد سطّر عن مآثرنا

                  ما يُعجز الناس إن قلّوا وإن كثروا

لا تعرفُ اليأس والتسويف همّتنا

                         ولا يخالطها عَجز ولا خَوَرُ

في كل يوم لنا وعدٌ ننفّذه

                   تطيب منه على طول المدى الذِّكَرُ.

Email