«الأوكوس» و«الأناكوندا»

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا تنكر الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا، أعضاء حلف «الأوكوس»، أن الهدف من تحالفهم، هو تحقيق التوازن مع النمو البحري والعسكري والاقتصادي السريع للصين، وهي خطة يعمل عليها الرئيس الأمريكي جو بايدن، منذ اليوم الأول لدخوله البيت الأبيض، في يناير الماضي، حيث أعلن في أول خطاب له من المكتب البيضاوي، أنه سيعيد إحياء التحالفات الأمريكية الخارجية في مواجهة الصين، ولهذا، كان أو نشاط متعدد الأطراف لبايدن، هو المشاركة في قمة «الكواد»، التي تضم، بالإضافة للولايات المتحدة، كلاً من الهند واليابان وأستراليا في مارس الماضي. ولا يخفى على أحد، تصاعد حجم الخلافات والمشكلات بين الصين ودول «الكواد» في الفترة الأخيرة، فما معالم استراتيجية بايدن للفوز في «المنافسة» مع الصين؟ وما الأوراق التي تملكها الصين للتعاطي مع تلك الاستراتيجية؟.

تعزيز التحالفات

الخطوة الرئيسة التي يعتمد عليها بايدن، هي بث الروح من جديد، وإعطاء زخم وقوة للتحالفات الأمريكية، التي تعرضت للتراجع في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، ولذلك، بدأ بايدن بتعزيز العلاقة مع المكسيك وكندا، ثم مع الدول السبع الصناعية الكبرى، في القمة التي استضافتها بريطانيا في يونيو الماضي، وها هو تحالف «الأوكوس»، ومن قبله الاتفاق على صيغة أكثر تقدماً في التعاون مع دول «الكواد»، قادت تلك الدول إلى إجراء مناورات عسكرية في بحر العرب والمحيط الهندي. ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل إن الولايات المتحدة، أصبحت مناصرة بشكل كامل، ومن دون أي شروط، لأجندة 6 دول تتشاطأ بحر الصين الجنوبي، وتتنازع السيادة على هذا البحر مع الصين، وتقوم البوارج البحرية الأمريكية، بالعبور في بحر الصين الجنوبي، الأمر الذي ترفضه الصين، وتعتبره الولايات المتحدة تطبيقاً عملياً لحرية الملاحة في المنطقة، التي يمر من خلالها ثلثا التجارة العالمية.

تجنب المواجهة

تنطلق الرؤية الأمريكية، من الرغبة الحقيقة في تجنب المواجهة العسكرية مع الصين، أو حتى الدخول في «حرب باردة» معها، وهي رؤية تقوم على خطة عسكرية تاريخية، وضعها الجنرال وينفيلد سكوت، قائد الجيش الشمالي في الحرب الأهلية الأمريكية، وطورها داهية السياسة الخارجية الأمريكية، زبجينو برجينسكي، والتي يطلق عليها «الأناكوندا»، وهي ثعبان ضخم، لكنه غير سام، وهو يقضي على فريسته بالالتفاف عليها وخنقها تماماً. ومن ينظر إلى التحالف الأسترالي الأمريكي الجديد، وتعزيز التحالف مع الهند واليابان، يتأكد للجميع أن الولايات المتحدة، تطبق «نظرية الأناكوندا»، خاصة أن عملية تضييق الخناق الجيوسياسي على الصين، وصلت إلى مساحات جديدة، منها بيع الولايات المتحدة لأسلحة وطائرات متقدمة لتايوان، بمبلغ 1.8 مليار دولار، ودعم واشنطن للاحتجاجات في هونغ كونغ، ورفع صفة «التنظيمات الإرهابية» عن الجماعات التي تسعى للانفصال عن الصين في إقليم شينجيانغ «تركستان الشرقية».

Email