إكسبو 2020 وعجائب «البرلمان الأوروبي»

ت + ت - الحجم الطبيعي

أمر الأوروبيين يدعو إلى الاستغراب والتساؤل بل والدهشة، أن يتزامن قرار برلمانهم بشأن حقوق الإنسان في دولة الإمارات، التي لم تتوقف يوماً عن اتخاذ خطوات جديدة في هذا المجال بهدف رفع وتعزيز مستوى الاحترام والوفاء بحقوق الإنسان.

فقبل أيام قليلة، أعلنت دولة الإمارات عن تأسيس هيئة وطنية لحقوق الإنسان، لتكون بمثابة مظلة مؤسسية قانونية ترعى وتضمن حقوق الإنسان بالدولة بشكل رسمي، إلا أن أعضاء البرلمان الأوروبي لم يلاحظوا هذا الإنجاز المتواصل والمستدام أو أنهم تجاهلوا عن عمد هذا الإجراء الإماراتي. الأمر الذي يدعو إلى النظر بتأمل في هذا السلوك الأوروبي غير القويم والإصرار على التدخل في الشؤون الداخلية للدولة، كاسرين بذلك كل الأعراف الدبلوماسية الدولية.

وكي لا يكون الحساب بالنوايا، يجب عمل كشف حساب ورصد موضوعي لأبعاد المواقف الأوروبية تجاه قضية حقوق الإنسان بشكل عام.

حيث تشهد القارة «العجوز» صعوداً متنامياً لتيارات سياسية متطرفة، يغلب عليها الطابع اليميني القومي. وعادة ما تتبنى هذه التيارات أفكاراً عنصرية حادة وإقصائية، ورغم التطرف الفكري والحركي الذي يميز هذه التيارات، إلا أن الملاحظ أنها تحظى بدعم شعبي ومجتمعي متزايد، ينعكس بوضوح في نتائج الانتخابات البرلمانية في معظم الدول الأوروبية. وهو ما ينعكس لاحقاً في توجهات ومواقف البرلمان الأوروبي تجاه القضايا والأطراف الخارجية التي يتعامل الأوروبيون معها، ومنها الموقف الحالي تجاه دولة الإمارات.

على الأوروبيين أن يخرجوا من «قمقمهم» بأنهم الأكثر احتراماً لحقوق الإنسان. ليفهموا ما يحدث في دولة الإمارات فيما يخص الإنسان بشكل عام. وبدلاً من دعوة الدول والشركات الأوروبية إلى مقاطعة «إكسبو 2020» الذي تستضيفه دولة الإمارات بدءاً من أكتوبر المقبل إلى مارس 2021، عليهم أن يستكشفوا ما ستقدمه هذه الفعالية من خدمة للإنسانية جمعاء وتقريب وجهات النظر في المجالات الحياتية المختلفة ومنها المجال الثقافي.

ولو أردنا الوقوف على صدق موقفهم ونواياهم الحقيقية من القرار سنصل إلى نتيجة أن هناك ازدواجية وتناقضاً في قراراهم غير المدروس، فمن ناحية فإن دعوة المقاطعة ليس هو دور ولا صلاحيات العمل البرلماني، فنطاق «إكسبو» أشمل وأوسع حتى من المؤسسات الرسمية المعنية بالسياسة الخارجية الأوروبية. والأهم أن تاريخ السياسة الخارجية الأوروبية سابقاً وحالياً، يحفل بسجل طويل من المخالفات والتناقضات بين القيم والمبادئ والشعارات التي يرفعها الأوروبيون، والممارسات الفعلية المحكومة دائماً بالمصالح المباشرة سواءً الاقتصادية أو الاستراتيجية أو غيرها.

فلا تزال بعض شعوب القارة تتذكر تجاهل الأزمات الداخلية في بعض دول القارة الأوروبية نفسها. وهي أزمات عميقة شملت جوانب اقتصادية واجتماعية وسياسية، وتصب كلها في المعنى الشامل والمقومات الأهم لحقوق الإنسان. فقد كادت اليونان تعلن إفلاسها قبل خمسة أعوام وبالكاد قام الاتحاد الأوروبي بضخ حزمة تحفيز ليس لإنقاذ اليونانيين من الفقر وإنما لإنقاذ أوروبا من تداعيات تحول إحدى دولها إلى قنبلة بشرية كانت ستنفجر في وجه القارة كلها.

حتى في الشق السياسي الذي يتشدق به البرلمان الأوروبي، يقف الأوروبيون موقف المتفرج من الاحتقان والعدائية التي تميز سلوك المجتمعات الأوروبية تجاه بعضها البعض. وليس أدل على ذلك من حالة الكراهية السائدة داخل بعض دوله تجاه الجنسيات الأوروبية الأخرى، فعلى سبيل نظرة المجتمع البريطاني إلى مواطني أوروبا الشرقية بأنهم يستولون على فرص العمل ويسببون أزمات في السكن والخدمات والتعليم!.. وكان هذا أحد الأسباب المهمة وراء تأييد البريطانيين لمغادرة الاتحاد. ورغم ذلك، لم يحرك الأوروبيون ساكناً.

ما نريد قوله، أن هناك الكثير ما يمكن أن يقال في هذا الخصوص، ولو راجع الأوروبيون مواقفهم وأحوالهم، لما تجرأ البرلمان الأوروبي على ارتكاب تلك الخطيئة والافتراء على دولة الإمارات. حيث تقف دولة الإمارات شامخة بين دول العالم بتاريخها الناصع في كل جوانب حقوق الإنسان وسعادته ورفاهيته، فهي أرض الفرص كما يراها أغلب شعوب العالم والدليل أنها تستضيف على أرضها أكثر من 200 جنسية من مختلف دول العالم!!.

Email