طاقة الشباب محرك لتعزيز أمن واستدامة الغذاء

ت + ت - الحجم الطبيعي

تزداد أهمية تعزيز أمن واستدامة الغذاء يوماً بعد الآخر، وقد ظهر هذا الأمر واضحاً خلال الفترة الماضية، في ظل ما شهده المجتمع الدولي من تأثيرات جائحة «كورونا» على كل القطاعات والمجالات، وبالأخص سلاسل توريد الغذاء العالمية.

ويرتبط تحقيق أمن الغذاء واستدامته بالعديد من العوامل والممكنات، تشمل تعزيز قدرات الإنتاج المحلي وتوسيع شبكة أسواق الاستيراد المعتمدة، بما يضمن مرونة واستمرارية سلاسل التوريد، وتطوير ومواكبة أعلى معايير سلامة الغذاء العالمية، والتوسع في عمليات البحث والتطوير وتوظيف التقنيات الحديثة، وزيادة التعاون والتنسيق الدولي لتبادل الخبرات والتجارب الناجحة.

وتخلق روئ القيادة الرشيدة واستشرافها للمستقبل والدعم اللامحدود، الذي تقدمه بشكل دائم، بيئة استثنائية رائدة عالمياً تدعم قدرتنا على تعزيز أمننا الغذائي وضمان استدامته.

ويمثل الاعتماد على الحلول الابتكارية والاستفادة من طاقات الشباب وبالأخص في ريادة الأعمال أحد أهم الدعائم، التي يمكن الاعتماد عليها في منظومة عملنا لتعزيز الأمن الغذائي، فعبر تعزيز مشاركة الشباب وريادتهم للأعمال في هذا المجال سنضمن التوسع بشكل دائم في جودة وحجم المنتج المحلي من الزراعة والثروة الحيوانية والسمكية، وتعزيز وزيادة حجم سلاسل التوريد وضمان استمراريتها، بالإضافة إلى التوسع في الصناعات والنشاطات الاقتصادية المرتبطة بالأمن الغذائي، والاستفادة من الفرص الاقتصادية المتاحة.

وقد يتساءل البعض هنا، عن رغبة شبابنا وإمكاناتهم، وعن قدرتهم على الاستفادة من البيئة الحاضنة في الدولة، ليتحولوا إلى رواد أعمال ناجحين.

المتابع للحركة الاقتصادية يمكنه بسهولة أن يلاحظ ويسجل العديد من النجاحات التي سجلها رواد الأعمال من شبابنا في العديد من القطاعات، ومنها مجالات الزراعات الحديثة والإنتاج الغذائي، والأمثلة في هذه المجالات بشكل خاص كثيرة، وتظهر للعيان في أعداد المزارع الحديثة المتزايدة ومشاريع الإنتاج الغذائي صغيرة ومتوسطة الحجم التي تزداد يوماً بعد الآخر.

وخلال الفترة القليلة الماضية لمست طاقة لا محدودة لدى مجموعات واسعة من الشباب ورغبة في الاستثمار وريادة الأعمال في هذا القطاع خلال اجتماعي معهم عبر المبادرات، التي أطلقتها وزارة التغير المناخي والبيئة ومنها محطات الشباب للأمن الغذائي، وبرنامج استقطاب وتوظيف كوادر فنية في الطب البيطري وعلوم البيطرة والإرشاد الزراعي من خريجي المؤسسات الأكاديمية الوطنية.

هذه الطاقة التي تؤكد الرغبة الطموحة لشبابنا للمساهمة في تحقيق مستهدفات الدولة، وإيجاد مستقبل أفضل للأجيال الحالية والمقبلة، يمكن توظيفها والاستفادة منها عبر مجموعة من الممكنات يأتي في مقدمتها توفير برامج تأهيل وتدريب متكاملة تضمن إكسابهم المهارات النظرية والعملية اللازمة لإقامة مشاريعهم الخاصة في مجالات الأمن الغذائي وضمان نجاحها، على أن تضم هذه البرامج كل النشاطات والمراحل التجهيزية والإنتاجية والتسويقية للمشروع، وإتاحة المجال لهم للتطوير وتقديم حلول ابتكارية تعزز كفاءة وجودة هذه البرامج، وهذا ما حرصنا عليه في مشروع محطات الشباب للأمن الغذائي.

يأتي بعدها المُمكن الأهم والمتمثل في ربطهم بالمستثمرين والمهتمين بهذه المشاريع لتوفير الدعم المادي اللازم لتحويلها إلى أنشطة قائمة مجدية اقتصادياً على المديين المتوسط البعيد، في ظل توافر متابعه دائمة من الجهات والمؤسسات ذات الخبرة، هذا الربط حرصنا عليه في المراحل اللاحقة لمشروع محطات الشباب للأمن الغذائي، كما نعمل على تعزيزه عبر النقاش والتنسيق الدائم مع الجهات المختصة وشركائنا الاستراتيجيين.

ومن وجهة النظر الاقتصادية يمثل تعزيز استثمار وتعزيز ريادة أعمال الشباب في المشاريع المرتبطة بالأمن الغذائي، استثماراً ذا ضمانة اقتصادية عالية، فالمحاصيل والمنتجات الغذائية المحلية باتت تحظى بإقبال وثقة متزايدة من المستهلكين في ظل منظومة التشريعات، التي تضمن جودتها والتزامها بأعلى معايير السلامة، كما تمكنت العديد من المنتجات في الوصول إلى أسواق إقليمية وعالمية.

إن تحقيق أمن واستدامة الغذاء يرتبط بوجود شراكة وتكامل في الأدوار بين ما يتولاه القطاع الحكومي من مسؤوليات، وما يقدمه قطاع الأعمال من مساهمات مهمة والدور المحوري، الذي تلعبه ريادة الأعمال الشابة في دعم وتعزيز جهود القطاعات ذات الصلة، مع ما نملكه من منظومة وبنية تشريعية داعمة، وطاقة مبهرة لدى الشباب، وإدراك من القطاع الخاص وجهات التمويل للأهمية الاجتماعية والاقتصادية، التي يمثلها دور الشباب، تجعلني متفائلاً بقدرتنا على تعزيز أمننا الغذائي، ودفع عجلة النمو المستدام للنشاطات المرتبطة به، والمساهمة في تحقيق مستقبل أفضل للأجيال الحالية والمقبلة.

* وزير التغير المناخي والبيئة

 

 

Email