لا يزال الجدل يطبع مسار أزمة سد النهضة، بعدما عاد التفاوض إلى النقطة التي كان مُفترضاً أن يبدأ منها في عام 2011 عند شروع إثيوبيا في بناء السد، حيث إن غياب الثقة بين الأطراف الثلاثة ساهم في تأزم الوضع، علماً بأنه كان يمكن أن يكون السدّ مشروعاً مشتركاً في التمويل والملكية والإدارة والمنافع بين الدول الثلاث لو تم التعامل بحسن النية، سيما وأن التعاون على مشاركة النهر هو الخيار الوحيد المستدام على المدى الطويل.
ولا شك في أن الحل لا يزال ممكناً، إذا ما تم كسر حاجز عدم الثقة وتوفير ضمانات بأن تؤخذ مصالح مصر والسودان وإثيوبيا بعين الاعتبار كي تنتهي العملية (التفاوضية) بنجاح. حيث إن الفترة المقبلة تحتاج إلى إخلاص نوايا أكثر من الوثائق أو الاتفاقيات المكتوب أن يكون النيل مصدر فرص وليس مصدر نزاع، والتعامل مع الأمر بطريقة بنّاءة وتجنّب أي تصريحات من شأنها أن تزيد التوتر في منطقة تخضع لسلسلة من التحديات، بما في ذلك تأثير «كـوفيد 19» والنزاعات.
الاتحاد الأفريقي يقف اليوم أمام امتحان تجسيد جديته، وفق القوانين والأحكام المعمول بها دولياً، لمنع أي كوارث تلوح بوادرها في الأفق القريب بالعمل على تقريب وجهات النطر بين دولتي المصب مصر والسودان مع إثيوبيا، وتوفير للدول الثلاث البيانات والمعلومات اللازمة لإجراء الدراسات المشتركة للجنة الخبراء الوطنيين، وذلك بروح حسن النية وفي التوقيت الملائم.
علماً بأن الجزائر بدأت قبل شهر تقريباً جهود وساطة لتفعيل المادة العاشرة من اتفاق المبادئ المبرم في مارس 2015، التي تنص على أن «تقوم الدول الثلاث بتسوية منازعاتها الناشئة عن تفسير أو تطبيق هذا الاتفاق بالتوافق، من خلال المشاورات أو التفاوض، وفقاً لمبدأ حسن النوايا». وإذا ما تمت الاستجابة لهذا المسار من خلال اتفاق ملزم وقتها سوف يحلُّ التعاون الحقيقي محلّ النزاعات.