المرأة الإماراتية في يومها المجيد

ت + ت - الحجم الطبيعي

في حديثٍ مُفعمٍ بالفخر والاعتزاز نشره صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبيّ، رعاه الله، على حسابه في «إنستغرام» «بمناسبة يوم المرأة الإماراتية»، أشاد بالحضور الفاعل القوي للمرأة الإماراتية في جميع مرافق الحياة، ونوّه بمظاهر الحرص والاجتهاد لدى العنصر النسائي في التعليم والارتقاء إلى المراكز القيادية التي تتجاوز المسارات العادية للحياة لتصل إلى المراكز المتقدمة في إدارة الدولة، وتتخطى كل الحواجز والعقبات وتحتل مكانتها المرموقة في قلب مكتب صاحب السموّ الذي لا يستطيع العمل ضمن إيقاعه السريع الدقيق إلا أصحاب الهمة العالية والكفاءات النادرة التي تعرف أنها تحت الضوء، وأن المطلوب منها يختلف في جوهره وطبيعته وحجمه عن غيره من الأعمال.

وقبل الشروع في إلقاء الضوء على هذا الحديث الثمين لسموه، لا بدّ من التأكيد على أن تكريم المرأة هو جزءٌ أصيل من ثقافتنا التي تتأسس في جوهرها على تعاليم ديننا العظيم الذي كرّم المرأة، وارتقى بمكانتها إلى منزلة فريدة عالية جعلت منها مشاركاً فاعلاً في صناعة الحياة، وتجاوز بتكريمها النظرة الظالمة لها التي تبخس حقها، وتختزل وجودها في مجرد العيش وراء الجدران للإنجاب والولادة على الرغم من أهمية ذلك وعظمة ثمراته، لكن التاريخ شاهد على حضور قوي ومؤثر للمرأة في مسيرة الحضارة العربية الإسلامية، حيث أسهمت في صناعة الحياة الثمينة للمجتمع في جميع تجلياتها، وبخصوص دولة الإمارات فقد كان المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيّان، طيب الله ثراه، عظيم التفطّن للدور الكبير الذي يمكن للمرأة أن تنهض به في رفد مسيرة الوطن، ولم يرضَ لها أن تظل حبيسة بين الجدران مقطوعة الصلة بالحياة، بل أفسح لها المجال واسعاً لا سيّما في مسارات الحياة التي تتوافق مع طبيعتها الأنثوية، ومن منّا ينسى كلماته الرائعة في هذا السياق حيث يقول: «للنساء حقٌّ مثل الرجال في أن يتبوّأن أعلى المراكز بما يتناسب مع قدراتهن ومؤهلاتهن» لتكون هذه الكلمات الثمينة دستوراً جديداً في حقوق المرأة منحها ما تستحقه من الحفاوة والتكريم، وأفسح لها المجال واسعاً لكي تُسهم في بناء المجتمع، وإدارة عجلة الحياة.

في هذا السياق من الاهتمام بالمرأة الإماراتية في يومها الزاهي المجيد، جاء حديث صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد، حيث أبدع في إنعاش الروح المعنوية للمرأة حين أشاد بدورها الكبير قائلاً: «العنصر النسائي يجتهدون ويتعلمون أكثر»، وهذه حقيقة ماثلة للعيان يلمسها كل من تعامل مع مسارات الحياة ولا سيما في سلك التعليم، حيث تلوح ملامح الجد والاجتهاد على العنصر النسائي، ويحصدن في الأعم الأغلب المراكز المتقدمة في النتائج، مما يعكس روح الحرص والاجتهاد لديهنّ، وهذا يؤهلهن لما ذكره صاحب السموّ في حديثه من أن المستقبل سيكون في صالحهن حيث قال: «لهم مستقبل كبير»، ثم ذكر نسبة تلفت النظر حين ذكر أنّ «سبعين في المئة من الخريجين هم من العناصر النسائية»، وهذه نسبة سيكون لها حضورها المستقبلي في سلُّم وظائف الدولة، وإدارة المناصب التنفيذية، وكثافة الحضور الفاعل الإيجابي للمرأة التي تتبوأ هذه المناصب عن جدارة واستحقاق وليس مجاملة لها، ولا من خلال نظام الكوتا النسائية، بل من خلال جهدها الفاعل وطاقاتها التي تستحق التقدير والاحترام.

ثم يقترب بنا سموه من واقع مشرّف لحضور المرأة حين ذكر أنّ نسبة العنصر النسائي في مكتبه مرتفعة جداً، حيث يقول بنبرة مملوءة بالفخر والابتهاج: «لو تروح لمكتبي خمس وثمانين من العنصر النسائي»، وهذه نسبة تبعث على الدهشة وتثير مشاعر التقدير والاحترام نظراً لما يعنيه هذا الحضور الكثيف من بروز قيادات نسائية قادرة على أداء الواجب في قلب مركز التخطيط والتنفيذ، وهذا أمر ليس سهلاً ولا يقوى عليه إلا أصحاب العزيمة القوية والإرادة الماضية، وهو ما تتمتع به المرأة الإماراتية التي أخذت فرصتها الحقيقية في صقل مواهبها، وتنمية قدراتها، وتلقّت جرعة كافية من التدريب المدروس الذي ينمّي عنصر التفكير الإيجابي في الشخصية الإنسانية، ويدفع بها إلى مواقع الإنجاز والابتكار وأداء الواجب ضمن إحساس بالغٍ بالسعادة العميقة والانتماء الوطني الصادق.

ثم كانت هذه الخاتمة الرائعة التي جاءت كالبصمة الخاصة من كلام صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حين قال: «فنتعشّم فيهم الخير، وعندنا من النساء اللي الواحدة بألف رِجّال»، لتكون هذه الكلمات أروع دافع لرفع معنويات المرأة حين يضع سيد البلاد ثقته فيهن، ويتوسّم فيهن كل ملامح الخير والعطاء، ويرى في بعضهن من ملامح العطاء والولاء والقدرة على الإدارة والإنجاز ما تتفوق به على ألف رجل من رجال الكمال وليس من هؤلاء الكسالى، فالمقارنة لا تكون إلا بين أهل الكمال والعطاء، فطوبى للمرأة الإماراتية في يومها المجيد بهذا التكريم الصادق من قائد جسور يعرف تفاصيل ما يجري في الوطن، ويدقق في كل شأن من شؤونه، ويعرف القدر العالي والمنزلة الرفيعة لبنات الإمارات وسيدات العطاء اللواتي يرفعن رأس الوطن عالياً، ويقفن في الصف الأول من صفوف البذل والإنجاز، فحُقّ لهنّ أن تكون منزلتهن في عين قائد الوطن المنزلة العالية الكريمة، ولا غرابة في كل ما يقوله صاحب السموّ في حق المرأة: تكريماً واحتراماً، فهو ذلك الفارس الذي تربّى في حجر سيدة دبيّ وأيقونة نسائها الفاضلات الشيخة لطيفة بنت حمدان، رحمها الله، التي زرعت في قلبه الغضّ الطري كل مكارم الأخلاق، وأرقى شيم الفرسان.

Email