هاجس تطوير البلاد وإسعاد العِباد

ت + ت - الحجم الطبيعي

القائد الذي يستحق اسم القائد هو ذلك الإنسان الذي يحمل هموم شعبه، ويواصل التفكير في فتح مسارات العيش الكريم أمامهم، ويضع سعادتهم كهدفٍ أصيل لا يتوانى في بذل أقصى الجهود في سبيل تحقيقه، وأعتقد جازماً بأن هذه الملامح الأصيلة في الشخصية القيادية تتجلى في أروع تجلياتها في شخصية صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبيّ، رعاه الله، الذي يقدّم النموذج الباهر في السعي في سبيل سعادة شعبه، والارتقاء بالحياة العامة للمجتمع إلى أرقى المستويات الاجتماعية والثقافية والعلمية والاقتصادية في رؤية متكاملة ومسيرة متواصلة تشهد له بكل هذه الأصالة القيادية التي يعتزّ بها أبناء الوطن، ويستلهمون جوهرها العميق في عملية بناء الوطن وتشييد الحياة.

قبل تسعة أشهر وعلى مشارف نهاية العام الماضي، وتحديداً في 19 ديسمبر 2020م أطلق صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد مبادرة فريدة حملت عنوان «أجمل شتاء في بلادي»، دعا فيها إلى تنشيط السياحة الداخلية، واستثمار النفقات السياحية الضخمة التي ينفقها شعب الإمارات خارج الوطن لتكون من حظ البلاد وأماكنها الجميلة، واختار مدينة «حتّا» لتكون هي النقطة المكانية لإطلاق هذه الحملة الوطنية التي تستهدف استنقاذ المكان الإماراتي وردّ الاعتبار إلى سحره وجماله، وكانت الاستجابة الشعبية لمبادرة سموّه على قدر الظن بهم، وتوافد أبناء الوطن على هذه المدينة السياحية العريقة التي تستحق أن تكون وُجهة سياحية يعبّر من خلالها الإماراتيون عن مدى حبهم لوطنهم، والتحامهم بالمكان الأصيل الذي يجسد تاريخهم وحاضرهم ويستشرف مستقبلهم.

واستكمالاً لهذا النهج القيادي المتفرد، أطلق صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد بتاريخ 21 أغسطس 2021م ستة مشاريع تنموية لمنطقة حتّا تكون بمثابة انطلاقة نوعية لتطوير المنطقة بإحداث حزمة مشاريع متنوعة ضمن خطة حتا التنموية، بهدف الارتقاء بواقعها الحضاري وترسيخ جاذبيتها السياحية كمَعْلَمٍ وطني يحظى بالرعاية الدائمة من لدن صاحب السموّ، فجاءت هذه الحزمة المتكاملة من المشاريع التي ستكون ذات أثر فاعل في تنشيط الإمارة بشكل عام ومنطقة حتّا على وجه الخصوص من خلال هذا التنوع الملحوظ في طبيعة هذه المشاريع التي ستعود بالنفع على أبناء المنطقة من خلال توفير خمسمئة فرصة عمل لأبناء حتّا وتمكين الشباب من العيش في نمط متميز من جودة الحياة التي يسعى صاحب السموّ إلى جعلها واقعاً مَعيشاً لأبنائه في هذا الوطن الطيب الجميل، حيث جاءت حزمة المشاريع مشتملة على مشروع قمة دبي الجبلية التي ستكون على ارتفاع 1300م في أعلى قمة في دبيّ في جبل أم النسور، وستضمّ ثلاث محطات رئيسية للقمة الجبلية تضمّ منصّة علوية فوق سدّ حتّا، ومرافق لخدمة السياح وفندقاً متميزاً عالمي المستوى، ومحطة القمة التي ستضم منصة مشاهدة بانورامية ومرافق لتلبية مطالب السياح مع وجود أجنحة فندقية تابعة للفندق الرئيسي، مُعزّزاً ذلك كله بإنشاء تلفريك بطول خمسة كيلو مترات وأربعمئة متر لنقل السياح من منطقة سدّ حتّا إلى قمة جبل أم النسور وما يُشيعه هذا التلفريك من مشاعر البهجة والمغامرة، وتزداد المنطقة جمالاً وجاذبية بمشروع شلالات حتّا المستدامة التي ستشتمل على سلسلة مطاعم ومساحات ترفيهية تعزّز الجاذبية السياحية للمنطقة، وتمنح الزوار شعوراً عميقاً بالسعادة من خلال هذا المرفق السياحي الذي يحرص السياح على وجوده في وجهاتهم السياحية، وسيتمّ ذلك من خلال تحويل سدّ حتّا إلى شلال طبيعي ومحمية أسماك تجذب الأطفال والعائلات، بالإضافة إلى مسارات حديثة لممارسة رياضة السير على الأقدام، مع تمكين أهل حتّا من بناء مئتي نُزُل عطلة بمواصفات عالمية يكون لها أكبر الأثر في تحسين أوضاعهم والارتقاء بنمط حياتهم.

لقد سبقت الإشارة إلى أنّ هذه المشاريع التنموية ستوفر 500 فرصة عمل لأبناء حتّا، وهذا كسبٌ ليس بالهيّن في ظل هذه الظروف التي تشهد كثيراً من الصعوبات في إتاحة فرص العمل أمام الشباب، كما ستكون هذه المشاريع نموذجاً تنمويّاً جديداً للمدن الصغيرة في الإمارات لتعزيز مساهمتها في الاقتصاد الوطني، فضلاً عن إسهامها القوي في ترسيخ استقرار الأسر الإماراتية في مناطقها، وتأمين مستويات جودة حياة مشابهة للمدن الكبرى، بحيث يتم تعميم النموذج الأرقى للحياة في جميع مناطق البلاد ولا يظل محصوراً داخل المدن الكبرى التي تحظى بالنصيب الأوفر من المشاريع والخدمات، مما يسهم في تعزيز الشعور لدى المواطنين أينما كانت أماكن إقامتهم بالعدالة المجتمعية، ويتم تنشيط هذه الطاقات التي تتخيل أنّ فرص العمل موجودة فقط في المدن والتجمعات الكبرى، فجاءت مثل هذه الحزمة من المشاريع التنموية المتكاملة لكي تغيّر النظرة النمطية للتنمية، ولتؤكد أنّ الدولة واعية بالمردود الإيجابي لهذا النوع من المشاريع التي لا تهدف بحسب عبارة صاحب السموّ في خاتمة إعلان المبادرة إلا إلى إسعاد الناس، وتحقيق العيش الكريم لهم حين قال: «الهدف هو إسعاد الناس وراحتهم، نحن سلطة لخدمة الناس ولسنا سلطة عليهم»، وهي مقولة تتجاوز بريقها الإعلامي إلى كونها حقيقة ملموسة يتعايش معها الناس، ويلمسون آثارها الإيجابية في حياتهم، وتؤسس لنمطٍ من الحاكميّة التي يشيع معها الإحساس الصادق بالسعادة والانتماء، وتترسّخ من خلالها الرغبة الصادقة في التقدم والإنجاز، ليظل هذا الوطن محفوفاً بعين العناية من لدن قادته الساهرين على راحته وأمنه وإسعاد إنسانه.

هذه هي الإمارات بكل تجليّاتها الجغرافية الجميلة الشامخة المتحدة، فكل إنجاز متميز في إمارة هو إنجازٌ للوطن، وفخورةٌ دبيّ بهذه النقلة السياحية المتقدمة التي تليق بها كواحدة من مدن الخليج الجميلة التي تهفو إليها أفئدة السواح من جميع أنحاء العالم، ويؤُمّها أبناء الوطن تعبيراً عن عمق انتمائهم لوطنهم، لتسعد بهم عين قائدهم وفارس إمارتهم صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد الذي عبّر عن غبطته البالغة بالتطورات الإيجابية التي شهدها القطاع السياحي في الوطن عموماً وفي حتّا على وجه الخصوص، وهو ما عبر عنه في كلمة جميلة كتبها على حسابه في تويتر قال فيها: «بدأنا في 2016 مشروعنا التنموي في حتّا، تضاعف عدد السياح من 60 ألفاً لمليون زائر في 2020، مشاريع هيئة كهرباء دبي الجديدة ستوفر 500 وظيفة لشباب حتّا، وبيوت العطلات ستوفر دخلاً سنوياً يزيد على 100 مليون درهم لأبناء المنطقة، وستبقى الحياة الكريمة لمواطنينا هدفنا من كل مشاريعنا»، ملخِّصاً بهذه الكلمات المكثفة جوهر رؤيته لمسيرة العمل والإنجاز في هذا البلد الطيب المعطاء الذي يستحق منّا كل بذل في سبيل رفعته وهيبته بين الأمم والشعوب.

Email