دع العلم يتحدث بصوت عالٍ عن أصول «كوفيد 19»

ت + ت - الحجم الطبيعي

لماذا يعد التحقيق في أصول فيروس كورونا المستجد أمراً مهماً؟ لأن له معنى كبيراً تجاه تحديد منبع انتشار الوباء والحيلولة مستقبلاً من دون حدوث وباء من هذا النوع. منذ حدوث وباء فيروس كورونا المستجد كانت الصين أول دولة تعلن عن الفيروس وأول دولة تسيطر عليه والدولة التي قدمت أكبر كمية من مؤن مكافحة الوباء واللقاحات لمختلف الدول. وقد حرصت الحكومة الصينية دائماً على الاهتمام بشكل كبير بمسألة أصول الفيروس، وشاركت بموقف منفتح وإيجابي في التعاون الدولي للتحقيق في أصول الفيروس، وهي الدولة الأولى التي أطلقت تعاوناً كاملاً مع منظمة الصحة العالمية حول أصول الفيروس.

تحقيق في الأصول بطريقة علمية هو السبيل الوحيد لإلقاء القبض على «رأس الحربة» الذي بدأ الوباء. شكل تعاون الصين ومنظمة الصحة العالمية للتحقيق في أصول الفيروس بشكل مشترك بداية جيدة على المستوى العالمي. وبعد أشهر من إصدار التقرير البحثي المشترك بين الصين ومنظمة الصحة العالمية، أثبتت أدلة علمية متزايدة أن الأمر يتعلق بتقرير له قيمة عالية ويصمد أمام الاختبارات العلمية والاختبارات التاريخية.

تسييس مسألة أصول الفيروس لن يؤدي إلا إلى التعتيم على الحقيقة. بإلقاء نظرة استذكارية على وباء القرن ستلاحظ أن الصين كانت أول من أعلن عن الوباء، فصارت بذلك جديرة بكونها «مطلق الصافرة». ولكن أول مكان اكتشف فيه الوباء لا يعني أنه هو أصوله وهذه معلومة عامة، فالأمر يشبه تماماً «الإنفلونزا الإسبانية» التي لم تكن إسبانيا منبعاً لها. وما من دولة تقبل طلباً للتحقيق في الأصول مبني على «افتراض الذنب»، فهذا الأمر هو تسييس للعلم. فإن تسييس التحقيق في أصول الفيروس لن يفضي إلا إلى الابتعاد أكثر فأكثر عن الحقيقة. ولنا أن نتساءل هنا لو تحول «مطلق الصافرة» إلى «كبش الفداء» فمن سيكون مستعداً مستقبلاً ليكون «مطلق الصافرة» في حال اندلع وباء آخر في المستقبل؟

التحقيق في أصول الفيروس في عدة نقاط من العالم هو مطلب موضوعي. يعد التحقيق في أصول الفيروس معضلة عالمية، ويثبت التاريخ أن الأمر يتعلق بمهمة جسيمة مهنية وعالية التعقيد وتستغرق وقتاً طويلاً. وأمام وباء فيروس كورونا المستجد الذي لم يعرفه التاريخ من قبل، لا ينبغي أن تصبح مسألة التحقيق في أصول الفيروس مهمة يتولاها السياسيون أو الأجهزة الاستخباراتية. ومنذ اندلاع الوباء، توالى ظهور أدلة على أن العديد من الدول الأخرى ظهرت فيها حالات من الإصابة بالفيروس قبل الصين، ثم إن السلالات التي ظهرت في الفترة الأولى لاندلاع الوباء في العديد من الدول تختلف عن السلالة التي اكتشفت في مدينة ووهان بالصين، وما من مفر من إطلاق عملية التحقيق في أصول الفيروس في العديد من الأماكن في العالم، وفي حال تم تجاهل هذه الحقيقة وظلت الأنظار مصوبة على دولة واحدة، فكيف يمكن ألّا يثير ذلك الشك في أن هناك مقاصد أخرى خلف ذلك؟

يشهد العالم انتشاراً قوياً للنسخ المتحورة من الفيروس كما تعاني عدة دول أضرار الطقس السيئ، وليس هناك من خيار لقهر هذه الأزمات العالمية سوى التعاضد والتآزر وتوحيد الجهود، أما الخلاف وانعدام الثقة فلن يؤديا إلا إلى جعل المشكلة أسوأ. وتثبت الحقائق أن التلاعب المسيس هو العدو الرئيس للوحدة بين مختلف الدول، ويوفر للفيروس فرصاً أكثر ويثير كوارث أكبر.

تعد الإمارات العربية المتحدة مثالاً يحتذى به على الصعيد العالمي في مكافحة الوباء إذ أحرزت نتائج جلية في منع ومكافحة انتشار الوباء، وبوصف دبي مدينة عالمية فإنها توصلت إلى طريق لمكافحة الوباء يجمع بين منع ومكافحة الوباء ويأخذ التنمية بعين الاعتبار وهو طريق يتمثل بـ«الانفتاح وعدم التهاون، والاعتماد على ارتداء الكمامات وأخذ اللقاح»، وتقود الانتعاش الاقتصادي في المنطقة وتوفر بشكل مستمر بيئة جيدة لإطلاق أعمال «إكسبو 2020 دبي» العالمي. وتتطلع الصين إلى العمل معاً مع مختلف دول العالم بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة للإسهام بشكل مشترك في التغلب على الوباء وبناء مجتمع ومصير مشترك صحي للبشرية.

Email