أوروبا وتحدي غياب ميركل

ت + ت - الحجم الطبيعي

يوصف يوم 26 سبتمبر المقبل بأنه تاريخ فاصل ليس فقط في حياة الشعب الألماني بل في أوربا كلها، لأنه أول مرة منذ 16 عاماً ستكون ألمانيا وأوروبا من دون زعامة المستشارة أنجيلا ميركل التي كانت صمام الأمان طوال حكمها الذي امتد 4 ولايات متتالية، ويزيد من التحديات التي ستواجهها أوروبا أن ميركل ستغادر الحكم وسط حالة من «عدم اليقين» السياسي والاقتصادي والأمني نتيجة لتداعيات جائحة كورونا وتراجع الاقتصاد في الاتحاد الأوربي بسبب الإغلاق الذي أدى أيضاً إلى مظاهرات عارمة في فرنسا وهولندا وغيرهما، ناهيك عن أزمات الهجرة غير الشرعية وتداعيات التغير المناخي، فإلى أي مدى سيؤثر غياب ميركل في «المعادلات الأوروبية» التي كانت سائدة طوال السنوات الماضية، وهل يمتلك خلفاء ميركل المحتملون الزخم نفسه للحفاظ على وحدة وسلامة وازدهار الاتحاد الأوروبي؟

تحديات جديدة

في حكم ميركل الذي بدأ عام 2005 نجحت في التغلب على سلسلة طويلة من التحديات وأبرزها الأزمة المالية العالمية في 2008 ووصول أكثر من مليون لاجئ سوري إلى ألمانيا عام 2015، ولكن هناك تحديات عاصفة تنتظر أوروبا في الفترة المقبلة وفي مقدمتها عودة أزمة اللجوء مرة جديدة مع الانهيار المفاجئ للوضع في أفغانستان بعد أن وصل بالفعل آلاف الأفغان إلى تركيا استعداداً للتوجه نحو غربي أوروبا، كما يتوافد عدد كبير من اللاجئين على حدود مولدوفا وبيلاروسيا تمهيداً للسفر نحو النمسا وألمانيا، ولا يمر يوم من دون الحديث عن المراكب التي تحمل مهاجرين غير شرعيين في البحر الأبيض المتوسط في طريقها لدول البوابات الأوروبية الثلاث، وهي اليونان وإيطاليا وإسبانيا، كما تواجه أوروبا مشكلة تدني معدلات النمو الاقتصادي في دول الاتحاد التي تضم 500 مليون نسمة، ويعمق من هذه الأزمة أن الاقتصاد الألماني الذي يشكل القاطرة للاقتصاد الأوروبي لم يتعافَ بالطريقة التي كان يأملها الألمان والدول الأوروبية التي دخلت الموجة الرابعة من جائحة كورونا، وكل هذا لا ينفصل عن المشكلات المستجدة مع التغيرات المناخية، وهو الأمر الذي يقود إلى متغيرات سياسية جديدة بعد أن كشفت استطلاعات الرأي ارتفاع شعبية أحزاب الخضر واليمين المتطرف في غالبية الدول الأوروبية، ففي ألمانيا زادت نسبة الدعم الشعبي لأحزاب مثل الخضر الألماني وحزب البديل من أجل ألمانيا، في آخر استطلاعات الرأي، وهو تحدٍّ كبير لأرمين لاشيت خليفة ميركل في الحزب الحاكم للمنافسة على منصب المستشارية.

Email